عبدالعزيز السماري
كنت أتعجب من التطاير الكثيف لأكياس البلاستيك في سماء المدينة عندما تهب الرياح، وكم تساءلت عن تأثير هذه الظاهرة على صحة الإنسان والبيئة، وقد حدثت الكارثة بالفعل بعدما تحول البلاستيك في العقود الأخيرة إلى مادة أساسية في حياة الإنسان، وبعد ما دخل في كل شيء، حتى الغذاء والماء واللباس، والإنسان في الزمن الحاضر على الأرض يبتلع ما يقرب من 2000 جسيم من البلاستيك في الأسبوع، حيث تدخل هذه القطع الصغيرة أجسادنا غير المرغوبة من مياه الصنبور والغذاء وحتى الهواء..
بموجب تشريع جديد، هو قانون التحرر من التلوث البلاستيكي لعام 2020، تدخل واشنطن في مواجهة مباشرة مع صناعة البلاستيك، وإجبار الشركات التي تستفيد من البلاستيك على تحمل المسؤولية عن النفايات التي ينتجونها،، تم الكشف عن مشروع القانون في فبراير، وسيحظر على العديد من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وإجبار الشركات على تمويل برامج «نهاية الحياة» لإبعاد البلاستيك عن البيئة، يقول السناتور لـ رولينج ستون: «لقد عدنا إلى مبدأ»، «الملوث يدفع».
لن تختفي النفايات البلاستيكية في العالم بسهولة من جسد الإنسان، فقد تراكمت بكميات هائلة إلى الأبد في المحيطات، فيما يعادل حمولة شاحنة كل دقيقة، فالبلاستيك يفسد ماءنا وجبالنا وأراضينا الزراعية ويتحول إلى كارثة بيئية لا يمكن التغلب عليها، وهي مشكلة أكبر بكثير من مجرد قضية محيطية، أو حتى مشكلة تلوث». «لقد وجد البلاستيك في كل مكان، وأكثر من أي وقت مضى، يوجد في القطب الشمالي والقطب الجنوبي ووسط المحيط الهادئ، وفي الجبال، ويستقر من الهواء وأصبح من مكونات المطر في الأماكن الأكثر تلوثاً.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالأغذية المعالجة يدخل في صناعتها مواد تحول الغذاء إلى مادة أشبه بالبلاستيك، وهو سبب عدم تعفنها بمرور الزمن، ومن خلال هذه الزاوية قد تبدو ظاهرة صناعة الغذاء كارثة بكل ما تعنيها الكلمة، فالإنسان ترك مصادر الغذاء الطبيعية لارتفاع أسعارها، واستغلت بعض الشركات لإنتاج كميات هائلة من الأغذية المصنعة والمعالجة من أجل المال..
هذه الحقائق المؤلمة لابد أن تكون دافعاً في أن يبدأ الإنسان رحلة العودة إلى إحياء الطبيعة والمحافظة على نظافتها من مخلفات الصناعة، ومن ثم الهروب من بيئة البلاستيك، والوعي بهذه المخاطر أول مراحل الوعي بضرورة مقاطعة البلاستيك في الضروريات كالغذاء والهواء..
تبدأ أول رحلات مكافحة هذه المادة من تغيير علب المياه البلاستيكية، ومنع أكياس التسوق البلاستيكية، وحظر الأغذية المصنعة في علب بلاستيكية.. وإذا وصلنا إلى مرحلة تختفي فيها أكياس البلاستيك من الطيران في سماء المدينة، فاعلم أننا بدأنا بالفعل الخطوة الأولى في رحلة مكافحة البلاستيك في أخطر مرحلة من مراحل التلوث البيئي..