عبده الأسمري
اتخذ سبيله في «الشعر» أدبًا.. فغاص في بحور «القوافي» وامتطى صهوة «القصيد» فاصطاد لآلئ «الأبيات» ونال تيجان «الأمسيات».. سليل «إمامة» و«أصيل» همة و«سديد» «كلمة».. وعضيد «وطن». إنه الشاعر المعروف الأمير خالد بن سعود الكبير أحد أبرز الشعراء الشعبيين والوطنيين في السعودية والخليج.
بوجه أميري وسيم تتوارد منه سمات «البهاء» وتعلوه صفات «الزهاء».. وعينان واسعتان تمتلئان بالإنصات وتلمعان بالإثبات.. وملامح مشبعة بتقاسيم أميرية تتشابه مع والده وتتقاطع مع أخواله.. ومحيا «قويم» يعتمر أناقة وطنية وتشكيلة «شخصية» فاخرة تستند على أزياء تلحفت بالهندام الفريد مع صوت جهوري محفوف باللهجة النجدية ومصفوف باللغة المتزنة تتقاطر منها عبارات «الشعر» واعتبارات «القصيد» وعبرات «الوصف». قضى الأمير خالد من عمره عقوداً وهو يكمل «فراغات» الأدب بنصوص الاعتبار ويعتلي صروح الثقافة بفروق الابتكار ويرسم مشاهد «الإنسانية» شعراً ويكتب معاني «النصائح» حرفاً، حيث ملأ إنتاجه ساحات «الإبداع» وغمر نتاجه مساحات «الإمتاع».
في الطائف وُلد وتعتقت أنفاسه صغيرًا برونق الورد وبعبق الرمان وتفتقت ذاكرته على أب عظيم تُوفي وهو ابن الخامسة ثم انتقل إلى الرياض وارتمى في أحضان أم عظيمة سدت «فجوة» اليتم بالحنان وملأت «فراغ» الفقد بالتفاني، حيث ركض مع أقرانه بين منطقة قصر الحكم وقصور الملوك موجهًا بوصلته إلى «مجالس أعمامه وأجداده» من الأسرة الحاكمة، مولياً قبلته إلى «موجبات» النبل في أحاديث والدته و«عزائم» الفضل في حكايات أخواله.. منتهلاً من «منابع» الحنكة ناهلاً من «مصادر» الرحمة، مراقباً لملاحم «البطولة» في تاريخ أسرته مرتقبًا لملامح «الرجولة» في تراث سلالته..
ارتبطت ذاكرته بقطبية مجيدة تواءمت بين «الحكم» و«العلم» واندمجت بين «التأسيس» و«التوجيه» حيث اعتمرت ذهنه مناهج «العصامية» في تاريخ جده لأبيه «الإمام محمد بن سعود» مؤسس الدولة السعودية الأولى وصروح «الدعوة «في إرث جده لأمه «الأمام محمد بن عبدالوهاب» فنشأ بين معادلة «الأصول» و«اعتدال» الأسس مكللاً بحظوة «النسب» مجللاً بسطوة «الحسب» والانتماء إلى الإمامين اللذين تركا بصمتيهما كعلامتين فارقتين في متون «الانتماء» وفنون «النماء».
تلقى الأمير خالد تعليمه الابتدائي والمتوسط بمعهد العاصمة النموذجي بالرياض، ثم انتقل لجدة حيث حصل على الثانوية من مدرسة الشاطئ، ثم التحق بجامعة الملك سعود بالرياض وحصل على بكالوريوس التاريخ بتقدير امتياز، وابتعث إلى أمريكا وحصل على الماجستير في الإدارة العامة من جامعة جنوب كاليفورنيا، وانخرط في السلك الوظيفي حيث عمل بوظيفة مدير مشاريع بصندوق التنمية الصناعي لمدة خمس سنوات والتحق خلالها بدورة بنكية في أمريكا لمدة سنة ثم تفرغ لأعماله الخاصة رئيسًا للشركة العربية للأنظمة الزراعية المحدودة, وبعض المشاريع الأخرى.
قدَّم العديد من الأوبريتات الوطنية حيث كتب كلمات أوبريت (عرين الأسد) في مهرجان الجنادرية التاسع عشر وأوبريت (طائف الصيف الجميل) وأوبريت (عروس البحر): إضافة إلى كتابة عشرات الأناشيد والأغاني في الوطن وأغاني عاطفية عدة، وأحيا العديد من الأمسيات الشعرية في الداخل والخارج وله دواوين شعرية عدة.
انجذب باكراً إلى أصداء «الحرمان» في شعر عبدالله الفيصل وتجاذب مبكراً مع نداء «التجارب» في قصائد محمد الأحمد السديري مسجوعاً بيقين «الذات» مشفوعًا بحنين «الذكريات» فأقام «صرحاً» من التشكيل الشعري أمام بصر «المتذوقين» وبنى «برجًا» من الصدى الأدبي حول نظر «المراقبين».
القصيدة في «شعر» الأمير خالد «صورة شعرية» و«حالة شعورية» تأخذك بعيداً إلى حيث «دوائر» المشاعر ونحو «مدارات» الشعور.. تنقلك من اللوذ بالطفولة إلى الاستناد للشباب والارتهان للرشد والانتظار للكبر في تفصيل عمري وتأويل دهري يجعل «الكلام» فعلاً في «انسياق» العجز وعملاً في «اتساق» القافية.
امتثل الأمير خالد لصوت «الشعر» وتماثل مع صدى «القصيد» فدوت في أعماقه «المهارة» وانبرت في داخله «الموهبة» فكان «المدير الفني» للمقامات الشعرية» و«المدبر المهني» للمقدمات المنبرية.
الأمير خالد بن سعود الكبير.. الشاعر الخبير صاحب الوقع الشعري المنفرد في سجلات «العطاء» والتوقيع الأدبي الفريد في مساجلات «الضياء».