عبد الرحمن بن محمد السدحان
* هناك باقة متواضعة من الأماني تغلّفها حزمة من الهواجس، بعضها يشوبه شيء من قلق تلازم خاطري منذ حين، أحسب أن كلاً منها يسكن وجدان أكثر من مواطن ومواطنة، أوردها موجزة عبر السطور التالية:
1) باتت بعضُ مدننا الكبرى، وفي مقدمتها عاصمة العز الرياض، تحسب للأمن الشخصي كلَّ حساب، خشيةً وحذرًا، وخاصة خلال فترات الليل، أقول هذا رغم حرص الدولة -أيدها الله- على حماية أرضنا ومن عليها وقد جاء ذلك نتيجة التمدّد العمراني والتكاثر السكاني الهائل بها، ولذا، أتمنَّى، النظرَ في تكوين (فرق عمل أمنية) لبحث واقتراح سبل دعم أمن المدن وقايةً لها وصيانةً، وقد يسبق ذلك مسح دقيق لعينة من الأحياء للتعرف على آراء الناس وهواجسهم حيال هذا الموضوع.
* * *
2) أتمنّى أن يصاحب ذلك تكليفُ إدارات الأمن في هذه المدن بتخصيص عرباتٍ أمنيةٍ تطوفُ الأحياءَ باستمرار، وفـي الليل خاصة، دعمًا لطمأنينة الوجدان أمنيًا، وردعًا للنفوس الأمّارة بالأذى!
* * *
3) قد يُرىَ ملاءمة تخصيصُ (هواتف ساخنة) في أماكن معينة من المدن الكبيرة تعمل على مدار الساعة يستطيع صاحب الحاجة عند الضرورة طلبَ العون أو التنبيه إلى أمر يخشى منه ضررًا محتملاً، وتربط هذه الهواتف مباشرةً بأجهزة الأمن، كي يمكنَ تطويقُ الحدث قبل نشوئه ما أمكن حمايةً للأرواح والممتلكات!
* * *
شوارد ذهنية:
1) هنا، يطارد ذهني هذا السؤال: هل فسدت الذمم وبارت النوايا وأُحبطَت النفوسُ، حين نشاهد ونسمع كل يوم وليلة مواجعَ في أكثر من قارة من هذه الأرض تتحدث عن (حرب) سجال بين فئتين اختصمتا سببُها فتنة المال أو سطوة الرأي أو شهوة السلطة، وكلُّ فئة تمطر الأخرى سعيرًا من نار تقتل بها وتجرح وترمّل وتيتّم وتشرّد.. لا ترحمُ عبرة طفل.. ولا عفاف امرأة.. ولا كبرياء شيخ.. وتحيل ما بناه الإنسان في سنين دمارًا أو تغدو مدُنه أطلالاً يتردّد في أحشائها شهيق الرياح!
* * *
2) وأتساءل أيضًا: إلامَ يلجأ العقل هربًا من (سياط) الأخبار التي لا تسلِّي ولا تسرّ؟! إلاَمَ تفرّ الروحُ التماسًا للسكينة، إذا كانت أنباءُ الحروب والجرائم والفتن تُلاحقُه في مجلسه ومكتبه ومخدعه وهاتفه النقال وعربته! ما هو البديل لـ(جرعات) المرض النفسي التي تنثرها بسخاء بعض عروض الرعب في التلفاز وما يقاس عليه متدثرةً برداء (الفن)؟!
* * *
ما الحلُّ؟
* لا أملك مفتاح الحلول لما سبق، لكنني سأمضي أحلم بيوم تُتْلى فيه نشرة أخبار في عالمنا المعاصر لم تلطّخْها دماء أبرياء، ولا صيحات ضحايا، ولا بكاء مساكين، بل تتحدث عن فرح بإنجاز جديد للإنسان يُنسيه أمسه المشوّه بالحزن الذي كان!
* سأمضي أحلم بلحظة فرح.. يبرم فيها الإنسان اتفاق سلام مع نفسه، ضد الإرهاب والكره والجريمة! لحظتئذٍ، سيرفع الإنسان وردة بيضاء انتصارًا لنفسه على نفسه!
* * *
أخيراً:
* يحاول كاتب هذه السطور أن يقيم جسرًا شفافًا يصله بقرائه، سواء المحبّ منهم لحَرفه، أو المعْرض عنه، أو الكاره له، ولكل المنتمين إلى (الفِرَق) الثلاث أقول إنني (أثمّن) للمحبِّ حبَّه لهذا الحرف، و(أتفهم) إعراضَ المعرض عنه، و(أتسامح) مع رفْضِ الكاره له، وأزعم أن الأطراف الثلاثة ليسوا إلاّ مجتهدين في طرحهم، وعلى (الكاتب) الذي استَنفَر بقلمه مواقفَ الإقبال عليه أو النأي عنه، أن يحكّمَ حسنَ الظن، فلا يقيم الحجة له وحده دون سواه، فكل منا مجتهد فيما يكتب، مجتهد في حكمه على ما يقرأ هنا أو هناك، اعتمادًا على رؤية خاصة به، بشرط أن تكون الرؤية نقيةً من الهوى، وما تنكرُه النفس العادلة المطمئنة!