الزمان : 29 فبراير 2020
المكان ؛ مدينة أبوظبي
المناسبة : البحث عني .!
من دون المقدمات التي لا أحبها حددت مناسبة مقالي لذلك قد يتساءل أحدكم كيف يبحث شخص عن نفسه؟ هل سيدور حولها؟ أم أنه سيقوم بسؤال كل من يصادفه هل رأيتني ؟ من البديهي أن يجزم الشخص أنه مرافق لنفسه وأن كل شيء فيها له وأن الكل الذي نحمله من أجسادنا وأرواحنا وأفكارنا وحتى دموعنا وآهاتنا لا يمكن أن تضل طريقها عنا.
لعل فلسفة الحياة أصعب مما عرفت ومررت به ولكنني على يقين أن جودة الحياة لن تتحقق كما يريدها أبو الجودة ( ديمينج ) في ميدان الحياة الإدارية عندما وضع قانونه ( صفر من العيوب ) أو كما تخيل افلاطون لحياتنا الإنسانية في مدينته الفاضلة.
في رحلتي للبحث عني وجدتني بين كتاب وكتاب للبحث عن التفاؤل والفرح ولأكتشف أن الحياة كما يصفها مدربو تطوير الذات بسيطة غير معقدة وأننا سبب كل ما فيها من عقد وعراقيل وخيبات، وأن تركيبة النفس البشرية أسهل بكثير من تركيب قطع الـ lego .
في طريقي للبحث عني عرفت أن كل جلسات الاستشفاء التي تحدث عنها هؤلاء المدربون ماهي إلا تجارب عاشها البعض في محاولة لإنقاذ أنفسهم واكتشفوها هم بالصدفة واحتفظوا بها في ملفاتهم ليخرجوا للعالم بالحل السحري. تأكدت أن لا يد لهم في إنقاذنا ما دمنا غير قادرين على إنقاذ أنفسنا. قاموا فقط بسؤال المثقلين الذين قدموا لهم الإجابة في غفلة منهم وهم يشكلون خارطة حياتهم كما تريد أمنياتهم. بعد رحلتي للبحث عني وجدت أنني لا أستطيع أن أنسب لهم الفضل في اختراع قوانين الحياة السعيدة لأن ما يسعدني لن يسعد غيري وما وجدته لن تجده صديقتي في طريقها.
أنا لا أحارب شخص تزعم المنصات ليقول: وجدت هنا لأساعدك ولكنني أطلب منكم أن تمنحوا أنفسكم فرصة البحث عن أنفسكم، أن تصعدوا على منابر أرواحكم وتلقوا خطبكم عليها وصدقوني أنكم من أول سطر من خطبتكم ستجدون الحل!
تحدثوا مع أرواحكم المتعبة كما تتحدثون مع الأطفال بكل ود وصفاء، تصالحوا مع كل عيوبكم التي لا قدرة لكم على إصلاحها ما دامت لن تضر غيركم. اعترفوا لأنفسكم بكل خطأ وتقصير وافرحوا بكل إنجازاتكم مهما كانت صغيرة. قدموا السعادة لكم وستجدونها عند غيركم. لن تجدوا أكثر حناناً عليكم من ذواتكم ولا تعلقوا آمالكم إلا على خالقكم. المسافات بيننا وبين الآخرين هي حزام أمان رحلة الحياة التي قد تطول لبعضنا وقد تقصر، هي تلك الإجراء الوقائي ضد صدمات الأيام التي عندما تفاجأنا بحدوثها نردد عبارتنا المشهورة ( لم أكن أتوقع أن يحدث هذا ). ما يمنحنا الصبر هو القدرة على فهم ما حدث لنا وترك السؤال العقيم لماذا يحصل لي هذا الشيء؟
أنت خلقت لتتعرف على نفسك لتكتشف كل كوامنها لا أن تطلب من العرافين قراءة حظك ولا من الأخصائيين اكتشاف ما بك. أنت عندما تقابلهم ستحكي لهم كل شيء ولكنك في خضم كل هذا نسيت أن الإجابة مكتوبة بين أسطر معاناتك قريبة منك جداً ملتصقة بك وهي بين يديك وتملكها ولكن عدم وعيك وجهلك بنفسك التي أتعبتها وظلمتها بحكمك عليها أنها سبب كل ما بك من وجع جعلك تقف على طريق الحل دون أن تشعر.
معنا وبنا تكمن كل الأسئلة وإلينا تعود كل الإجابات.!
** **
- بدرية الشمري