لم أتمكن من توديعه في المطار، لذلك قررت أن أودَّعه من خلال هذه السطور، لعلَّها تجد طريقها إلى قلبه، ولعلَّها تُضفي إنارة على طريقكم.
تَلقيت الرسالة بغتة.. تُفيد بقرب اقامة احتفالية توديع، وتُحرِّص على خصوصيتها، كانت قبل موعد مغادرة جيرمي في رحلة العودة إلى الديار بيوم واحد، في الحقيقة كنت على علم بعودته القريبة إلى بلاده، ولكن ليس كما حدد لي سلفًا.
بالمناسبة أعتقد بأن العلاقات بين فرنسا والمملكة، تقوم في تبادل المصالح المشتركة، ومن بينها الثقافة والفن والطب، فرنسا البلد العظيم كان له أثر كبير، في تحويل العُلا إلى العُلا، من خلال تدريب الطهاة حتى يقومون بدورهم بشكل احترافي وعلى مستوى عالمي، كذلك دورهم في تدشين العديد من المعارض الفنية والحفلات الموسيقية، وكذلك الإسهامات الطبية والتي أنقذت حياة الكثير من المرضى، كان وما زال لوجودهم أثر جميل يبقى أثناء دورهم وحتى بعد الانتهاء من دورهم.
جيرمي لوكي صديق فرنسي، ومن أهم الأصدقاء، من النماذج الشبابية التي تستحق أن تُمثل بلادها، يتعامل بلطف ولديه مخزون ثقافي ومعرفي جيد، يجيد اللغة العربية بشكل رائع، أقام في الرياض وتجول في أنحاء المملكة، زار جدة (عروس البحر الأحمر) ومن المناطق التي زارها منطقة جدة التاريخية، والتي تقع في قلب جدة، وتعتبر مسجلة في قائمة التراث العالمي من قبل لجنة التراث العالمي لدى اليونيكسو، وزار الأحساء والتي قيل عنها درة خضراء تحيط بها الرمال وتخترقها العيون والمياه، زار جيرمي ورفاقه عدة مناطق هناك من بينها بحيرة الأصفر، والتي تعتبر أكبر تجمع مائي على مستوى منطقة الخليج.
لن يتوقف التبادل الثقافي بيني وبينه، وفي المستقبل سنرفع هذا التبادل إلى أعلى سقف، من المهم أن يعرف الطرف الأول الطرف الآخر، عن بلاده ورموز بلاده، الذي قدموا العطاء الجميل من خلال الأدب والطب والثقافة وغيرها، وبلا شك الترجمة ستلعب دور رئيسي في هذه العملية، من خلال المشاركة أو التعريف. بالمناسبة ما أجمل المشاركة بين ثقافات البلدان، أدرك هذا تمامًا. حاولت أن أثنيه عن قرار عودته بحجة (كورونا) المتفشي حاليًا في بعض دول العالم، وكانت انطلاقته من الصين، لكن باءت المحاولات بالفشل.. وعند عودته إلى دياره، في الطائرة شاهدت له صورة وهو يرتدي الثوب والشماغ والعقال، وهذا يعني أن الرجل تأثر كثيرًا من تعاملنا وثقافتنا، وأخص بالذكر المعاملة لأن وحدها تجعل الشخص يُحب أو يَكره، حيث لا يوجد حل وسط. أحب بلادنا ومتأكد بأن سيعود لها.
** **
- فيصل خلف