إلى زمن قريب لم يكن للرواية حظ من أدبنا السعودي، وحتى بعد صدور رواية «التوأمان» للراحل عبدالقدوس الأنصاري، فإنه لم يكن للرواية السعودية ذلك الحضور الكبير الذي يمكن أن يلحظ، وإنما بضعة أعمال هنا وهناك كانت تنشر على فترات متباعدة نسبيًا، في حين بقي الشعر هو صاحب الحضور الطاغي والمتسيد على الساحة الأدبية السعودية، إلى جانب وجودية نسبية للقصة القصيرة والنقد الأدبي.
لكن مع قدوم الفاتح من يناير من الألفية الثالة، فإن أطراف المعادلة قد تغيرت إلى حد بعيد.
إذ قد زاد إقبال الأدباء السعوديين من الجنسين على كتابة الرواية، ليتصاعد هذا الإقبال بشكل متسارع ليشكل ما يشبه الهوس بالتأليف في هذا الضرب من الكتابة، وليصل جملة ما تم إصداره من أعمال روائية في العام 2019م لما يقارب 161 رواية أدبية. وهو عدد كبير بالعرف الفني المتعلق بهذا الجنس من الأدب، ونجده يفتح الباب لجملة من التساؤلات من ذلك؛ هل مجمل ما كتبه هؤلاء المؤلفون يستحق أن نطلق عليه مسمى رواية؟
وهذا التساؤل بحد ذاته نجده يجرنا لسؤال مفتوح آخر:
هو هل حققت هذه النتاجات الأدبية التي أسميناها مجازاً بروايات، تلك الإشتراطات الفنية التي تقوم عليها بنية العمل الروائي، والتي تشمل:
- الفكرة الرئيسية.
- الحبكة الروائية.
- شخصيات العمل الروائي (الكركترز).
- الزمن السردي.
- المبنى الحكائي.
- المتن الحكائي.
وبعيداً عن هذه الأسئلة التي تحفل بها مقالتي، وتشعرنا بالتعقيد، فلكي نصل لنطاقات تتسم بكونها منتجة وأكثر انفتاحًا، فإنه من الجيد أن تتبنى المؤسسة الثقافية وعبر أذرعها المختلفة، تنظيم دورات تدريبية مكثفة للجيل الشاب من أبنائنا وبناتنا الموهوبين على الآلية المثلى لكتابة الرواية الأدبية وتمهيرهم أيضاً على توظيف تقنيات السرد الحديثة (القناع- المخيال- الأيقون- الرمز)، لتحقيق فكرة الرواية الحقيقية. هذا إلى جانب إقرار جائزة مجزية تعطى للعمل الروائي المتميز وربطها باشتراطات تسهم في تجويد الكتابة الروائية على عمومها، فكفانا عبثاً أدبياً أن نطالع كل يوم مئات القصص الطويلة التي تحمل خطأ مسمى الرواية. والتي لوجربنا أن نكون منصفين لأسميناها عوضاً عن ذلك بالروايات المسخ.
** **
- حسن مشهور