أ.د.عثمان بن صالح العامر
ثلاثة أشياء ينتظرها المسلم خارج المملكة - أياً كان موقعه - من إنسان الوطن، والقاطن هذه البلاد الخيرة المباركة، فضلاً عن الحاج والمعتمر والزائر، ماء زمزم، ومصحف المدينة النبوية، والتمر، وإذ تعذَّرت على الواحد منا الأولى والثانية فإن الثالثة متاحة للجميع، والفكرة باختصار لو أن كل بيت فيه خادمة مسلمة أعطى هذه العاملة هذه الأيام ثلاثين كيساً من التمر الفاخر المغلَّف ترسله لأهلها يتسحَّرون ويفطرون منه، لكان في ذلك فوائد جمَّة منها بإيجاز:
* السنة الحسنة (ومن سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة).
* الأجر والفضل العظيم من الله خاصة أننا نعلم منزلة التمر في كثير من بلاد المسلمين، وعلى وجه أخص تلك التي لا تزرع فيها النخلة، فهو سلعة ذات قيمة عالية لندرته، فكيف إذا كان تمر بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية.
* إعطاء صورة حسنة عن البيت السعودي الذي لم ينس أهل العاملة لديه وهو يستقبل شهر الله الفضيل، رمضان المبارك.
* إشعار أهل هذه الخادمة أو ذلك السائق بمنزلة ابنهم أو أبيهم أو أخيهم أو أمهم أو أختهم أو ابنتهم - الذي قدم لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية لكسب لقمة العيش - عند مَن يعمل عندهم، واحترامهم وتقديرهم له، ومن هذا الباب كان هذا التمر الذي أرسل ليتناوله الأهل طوال ليالي رمضان المبارك.
لنتصوَّر المشهد وقد وصل إلى البيت الفلبيني والإندونيسي والبنجلاديشي والإفريقي قبيل حلول شهر رمضان المبارك تمر فاخر من السعودية، حيث يعمل أحد أفراد العائلة خادمة أو سائقاً في بيت من بيوت الرياض أو مكة أو المدينة أو جدة أو الشرقية أو القصيم أو حائل أو أبها أو حتى قرية منزوية لا يعلم عن موقعها في خريطة وطننا المعطاء الكثير منا.
إنها مجرد فكرة جاءت وجالت بخاطري ونحن قريباً -بإذن الله - سنستقبل شهر رمضان الفضيل فتصوّرت كيف هي الصورة الذهنية المتميزة التي يمكن أن نرسمها لوحة رائعة لوطننا الغالي من خلال عمل بسيط ولكنه عمل جماعي يشارك فيه تقريبًا كل بيت، بل إن كثيرًا من البيوت سيضرب بأكثر من سهم في هذا المشروع الوطني الخيري الرائد في نظري، حينها ستتحدث عنا شعوب هؤلاء الخدم والسائقين بالإيجاب، وسيكون منها الشكر والثناء للوطن وأهله، وسترفع الأكف بالدعاء لإنسان المملكة في ليالي وأيام شهر رمضان الكريم، والتكلفة المادية لهذا العمل النوعي المتميز بسيطة ولا تقارن أبداً بالمردود المعنوي الذي سيعود علينا -بإذن الله - في هذا البلد المبارك المعطاء.
بقي أن أشير هنا إلى أنني لا أدّعي المثالية والخيرية في السبق لهذا الأمر، فهي - كما جاء في ثنايا المقال - مجرد فكرة ولم يسبق لي أبداً أن نقلتها من دائرة التنظير والتفكير إلى حيز التطبيق والتنفيذ (حتى لا أُحمد بما لم أفعل)، ولعل إشاعتها ونشرها هنا يقوِّي العزيمة على الالتزام بها وتنفيذها هذا العام إن شاء الله، دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود، والسلام