عبدالكريم الحمد
هدوء الشخص واستقرار نفسه وهدوء لغته وحسن عبارته وقوة حجته هو الكفيل بأن تنصاع له العقول، وأن يصل الحق الذي يحمله إلى أفئدة الآخرين، أما (الضجيج) فهو نتاج لعقول ثقافتها ومداركها هشَّة تبحث عن الثقة بالنفس بالصوت لا بالمنطق، وذلك لتجاوز الفشل وإخماد نار الانتقاد وممارسة الإثارة لا الإنارة بعيداً عن الموضوعية، حيث يرى أصحاب هذه الخاصية بأنهم يمتلكون فطنة وذكاء تجعلهم يزنون المواضيع بمقياسهم الشخصي عبر التشكيك والاتهام والدخول في الذمم للوصول إلى حَقّ قد أُغتصب بحسب مفهومهم.
وعودة إلى عنوان المقال «متى ينافس النصر بهدوء؟!» فهو سؤال ليس بجديد على الشارع الرياضي السعودي، بل تكرر كثيراً مع كل مرة تتدخل إدارات نادي النصر المتعاقبة في قرارات الاتحاد السعودي وشن هجوم مباشر على رأس الهرم في المنظومة الكروية يصاحبه ضجيج إعلامي ممنهج يدعي المظلومية لانتزاع مطالب كروية غير مشروعة في كثير من الأحيان آخرها بيان إدارة (السويكت) بالمطالبة بتغيير رئيس لجنة الحُكّام مما عدّه الشارع الرياضي قفزاً واضحاً وصريحاً فوق النظام، والبعض الآخر اعتبره أمراً طبيعياً لاسيما أن رئيساً سابقاً للنادي نفسه صرّح بمساهمته في تغيير رئيس لجنة الحكام السابق، حيث يحق لنادي النصر ما لا يحق لغيره!!.
فمنذ نشأة أول اتحاد سعودي مُنتخب (اتحاد أحمد عيد) دأبت الإدارات النصراوية السابقة بالتهديد والوعيد علانية نحو المنظومة الكروية سواءً على صعيد مجالس إدارات الاتحاد أو لجانه، ضاربة بعرض الحائط المصلحة العامة وعدالة المنافسة واحترام الجهات الكروية المشرِّعة عبر التجاوز بالتصريحات والبيانات في مشهد إعلامي يقلِّل من هيبة المشرِّع، فكان حصيلة ذلك النهج 3 دوري بعد غياب دام 20 عاماً، مما رسخ لدى جمهوره أن البطولات لا تأتي إلا بقوة الشخصية خارج الملعب وليس داخله.
جميعنا يذكر رئيس نادي النصر السابق الأمير فيصل بن تركي حينما انتقد وبقوة الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجنة التحكيم بعد تعادل النصر أمام الرائد 2/2 في دوري جميل للمحترفين قائلاً: «لا أحب أن أعيد ما قلته سابقاً، وكل ما نقوله على التحكيم السلام»، مضيفاً «نحن نعرف جيداً من كسّب أحمد عيد ووضعه رئيساً للاتحاد، وهذا آخر إنذار»، فكانت النتيجة الخوف والخضوع لكثير من مطالب ذلك النادي والحرص على عدم المساس بما يعكّر صفو مزاج المهتمين بشأنه، حيث حصد النصر في فترة رئاسة (أبو رضا) لقبين متتاليين بالدوري.
ثم جاء الرئيس الثاني المنتخب لرئاسة الاتحاد السعودي (عادل عزت) فإذا به يجد نفسه أمام هجوم لاذع واتهام مباشر بالفشل والمطالبة بالرحيل من الجهة نفسها التي هاجمت سلفه، حيث وصفه رئيس نادي النصر السابق بالفاشل، حيث قال السويلم في رسالته «عادل عزت إذا كنت غير قادر على إدارة الاتحاد السعودي وتحمل المسؤولية فأنت تضر المنتخب والكرة السعودية ولا تفيده»، ثم لاقى خلفه (قصي الفواز) المصير نفسه بعد أن اتهمه السويلم بالفاشل قائلاً: «أتمنى من أخي قصي الفواز أن يملك الجرأة في تقديم استقالته، فهي الحسنة الوحيدة التي قد تكون له في الجانب الرياضي، فقد أظهرت من يعمل تحت مظلتك بأنه مجرد تكملة عدد وما يحزن أن البعض له تاريخ عريق وسيتلطخ بالفشل بسبب قيادتك»، ثم استجاب واستقال قصي الفواز بعد ذلك الهجوم بأيام ليترنح بعدها الاتحاد السعودي في فراغ إداري كان نتاجه تتويج النصر بطلاً للدوري.
قبل الختام:
إبداعك في الملعب وهدوئك في المكتب هو السبيل الأوحد لنيل مبتغاك، فالصياح لا يجلب النجاح.