م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. دائماً ما يُقَدَّم لنا التخلّف على أنه تخلّف اقتصادي.. ومع ما في هذا التقديم من تقصير إلا أنه ليس ببعيد عن الواقع.. لكن هل الغني متقدّم وهل الفقير متخلّف مثلاً؟
2. الاتفاق العام على أن التقدّم أو التخلّف يقوم على ثلاث ركائز الأولى هي: عالم الأفكار.. وتختص بالثقافة والمعتقد والقيم والمفاهيم.. والثانية عالم الأشخاص.. وهي كل ما يتصل بالمجتمع من إدارة ونظم وقوانين واتصال ورعاية صحية وتعليمية.. ثم الثالثة: عالم الأشياء.. وهي كل ما ينتجه ذلك المجتمع من زراعة وصناعة وإسكان وبنى تحتية.
3. إذا أمَّن المجتمع لأفراده حياة كريمة فهو مجتمع متقدِّم.. أما إذا وفَّر له حياة بائسة فهو مجتمع متخلِّف مهما كان متقدِّماً صناعياً أو عسكرياً.. فالصناعة والقوة العسكرية لن تنقل المجتمع من التخلّف إلى التقدّم.. فالفارق بين التخلّف والتقدّم هو الإدارة الرشيدة.. والحياة الكريمة لأفراد المجتمع هي المعيار الأول والحاسم في تحديد التقدّم من التخلّف.
4. ليس للتقدّم علاقة بالقوة.. وليس للتخلّف علاقة بالضعف.. فكم قوي متخلِّف وكم ضعيف متقدِّم على المستويين الفردي والمجتمعي.. ولعل الاتحاد السوفييتي السابق وسنغافورة اليوم خير مثال.
5. التقدُّم والتخلُّف هما نتيجة وليسا سمة.. يتداخل فيهما الداخلي مع الخارجي.. والاقتصاد مع السياسة.. والمجتمع مع الثقافة.. والأخلاق مع التوحّش.. الاستعمار والاستبداد.. الحرية أو القيود.. الفقر والفساد.. فالتقدّم أو التخلّف الصناعي أو الأخلاقي أو الثقافي أو الفكري هي مهارات وقيم وفنون وإبداع.. وكلها مجالات فردية.
6. ليس للتقدّم أو التخلّف معيار متفق عليه.. وليس أمام الناس جميعاً سوى أن تربط معنى التقدّم أو التخلّف بالمقارنة كماً وكيفاً.. في السياسة يتم النظر إلى تأثيرك بالمقارنة بدول العالم المتقدِّم.. وفي الاقتصاد يُنْظر إلى الناتج القومي ودخل الفرد.. وعلى المستوى الصناعي في مقدار التقنيات المتقدِّمة.. وبالنسبة للمجتمع فيُنْظر إلى درجة تقدّمه أو تخلّفه من خلال مقدار حفظ كرامته.
7. الأديان لا تزيد على أن تكون مشروعاً يرسخ قيمة الإنسان ويرفع من قيمة الإنسانية ويحميها.. فالكرامة هي أحد مكونات الهوية الوجودية للكائن البشري.. لذلك فهي قيمة عليا أصيلة.. لا إنسانية للإنسان دونها.
8. الشر في معناه المجتمعي يتمثَّل في كل شكل يتم فيه وبسببه إهدار كرامة الإنسان.