محمد سليمان العنقري
إذا كان الإعلام مهمته عبر وسائله نشر الأخبار والمعلومات فإنه يعد صناعة متكاملة تشمل جوانب كثيرة كالترفيه وهي بالمحصلة تقود لقيادة الرأي ونشر الثقافة من خلال اتحاد الإعلام مع كافة سياقات المجتمعات السياسية والاجتماعية والثقافية ولذلك يعد من أهم أسلحة القوة الناعمة التي يمكن أن تختزل على الدول الكثير من الجهد لتسويق مشاريعها داخلياً وخارجياً ونشر ثقافة مجتمعها، كما يسهم في فتح باب الحوارات في المجتمعات ومناقشات القضايا الهامة وطرح الحلول والتحديات بخلاف الدور التوعوي في كثير من المجالات.
فقبل أيام صدر أمر ملكي كريم بتكليف الدكتور ماجد القصبي بمهام وزير الاعلام الذي بدأ حديثه لقيادات الوزارة في أول لقاء معهم بأن «الأداء غير مرض تماماً وأنه لايواكب تطلعات المواطن ونهضة الوطن ومكتسباته « فالحديث هو عن دور الهيئات الاعلامية الرسمية والوسائل التي تشرف عليها، بينما هناك إعلام القطاع الخاص كالمؤسسات الصحفية وقنوات فضائية وإذاعات ومواقع ونشرات الكترونية، وهذه لها ظروفها وطرق تقييم مختلفة، لكن بكل تأكيد تبقى صناعة الإعلام تتطلب ركائز وممكنات كثيرة حتى تصل لمرحلة صناعة متكاملة، فتطوير الأنظمة والتشريعات يعد أهم الركائز التي تجذب الاستثمارات لقطاع الإعلام وبما يكفل القدرة على تحقيق موارد مالية كفيلة بأن تجعل الوسائل تستقطب الكفاءات وتطور باستمرار الكوادر البشرية وتواكب التطور الهائل بالتكنولوجيا، فالإعلام يعتمد على الضخ المالي الهائل ليكون في المقدمة بنشر الأخبار وتحليلها، وكذلك الحال في مجال الثقافة بكل فنونها والترفيه والتسلية فكلها في نهاية المطاف تعد جزءا من الإعلام بمفهومه الشامل.
فعالم اليوم الذي بات يعتمد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي في كل القطاعات الحيوية ومنها الإعلام الذي أصبح يواجه تحديات عديدة في مواكبة هذا التطور المذهل مما يتطلب جدياً وضع إستراتيجية شاملة للانتقال به لمفهوم الصناعة، فوسائل الإعلام بمختلف أنواعها باتت كالمصنع الذي ينتج سلعا مختلفة ويقدمها للجمهور عبر منافذ بيع عديدة، ففي السابق كانت الصحف تقدم منتجها على صفحاتها المطبوعة لكن أضيف لها الموقع الالكتروني ثم جاءت وسائل التواصل الحديث تويتر وفيسبوك وسناب شات ويوتيوب والرسائل النصية لتمثل نقلة نوعية في منافذ عرض المنتجات وإيصالها للجمهور والحال ينطبق على وسائل الإعلام الأخرى فلم تعد شاشة القناة الفضائية وسيلتها للوصول للجمهور بل تحتاج لمنافذ النشر الحديثة وهو ما يتطلب ضخا ماليا كبيرا ويتواكب معه تغيير بالأنظمة لحفظ الحقوق وتوسيع مجال النشاط الإعلامي ومصادر دخله فقد لا تكون الدول بحاجة لوسائل رسمية عديدة الا بالحد المطلوب لكن من الممكن أن يقوم القطاع الخاص بكل هذه الأدوار من خلال البيئة الجاذبة للاستثمار من خلال تطوير التشريعات والأنظمة وإيجاد قنوات تمويل ملائمة.
مما لا شك فيه أن الجميع يبحث عن التميز بصناعة الإعلام لكنها لن تتحقق الا بجملة واسعة من الإجراءات تبنى على إستراتيجة واضحة بالإعلام الداخلي والخارجي وتعزيز سياسة «التشبيك» دولياً لما لذلك من دور مهم في سهولة ايصال رسالتنا للعالم، ولكن يبقى العنصر البشري محور نجاح هذه الصناعة الذي يحتاج لاستقرار وظيفي ودخل ملائم من خلال قوة المؤسسات التي يعمل بها لكي تتمكن من توفير ما يحتاجه لإنجاز عمله ومواكبة متطلبات العصر الحديث.