قد يتبادر في ذهن بعض الناس التساؤل عن ما هو المقصود بعلم المنطق؟.. وما هي وسائل استخدام علم المنطق؟.. ومن أول من استخدم علم المنطق في تاريخ البشرية؟.. ومن أول من أدخل علم المنطق في البلاد الإسلامية؟.. وهل يمكن الاستفادة من علم المنطق في مجال التعليم؟.. وإذا كانت الإجابة بنعم فما هي الطريقة لذلك؟.... إلخ.. من الأسئلة التي تثير بنا الفضول للبحث في علم المنطق والقراءة عنه.
لذا أحببتُ أن أشارككم في مقالي هذا بعضاً مما قرأت في علم المنطق, مع التأكيد بأنَّ هذا المقال عن علم المنطق لا يُعطي فكرة شاملة عنه بحيث يستطيع الإنسان الاكتفاء بذلك, وإنما يتم تقديم مختصر سلس عن أهم عناصر علم المنطق لأيّ شخص يريد القراءة عنه في فترة زمنية أقل, وإلاَّ فإنَّ علم المنطق يؤلف عنه كُتب لإعطائه حقه كأحد فروع العلوم الفلسفية التي قد يتعلمها الإنسان ويستفيد منها.
وسأبدأ بمفهوم علم المنطق, ما هو علم المنطق؟..
يقصد بعلم المنطق: هو ذلك الفن الذي نُدرِّك به تعريف الأشياء المجهولة.. ويطلق على علم المنطق (علم قوانين الفكر), لماذا؟.. لأنه ذلك العلم الذي هو ميزان لقواعد الفكر العقلية.
كما يقصد بعلم المنطق (علم الاستدلال والاستنباط)، وتم تسميته بذلك لأنَّه يبحث عن دلائل الإثبات العقلية وعن الاستقراء المبنى على التتبع والتجربة والفرضيات والتي تهدف للوصول إلى الحقيقة.. وعندما نتتبع تاريخ علم المنطق فإننا نجد أنَّ علم المنطق ليس بالعلم الحديث، فهو علم قديم يعود بداية استخدامه إلى زمن فلاسفة اليونان الذين تكلموا فيه أمثال (سقراط، أفلاطون، أرسطو).. حيث استخدمه الفيلسوف سقراط مع طلابه بطريقة تسمى (توليد المعاني) أي: بطريقة السؤال والجواب، فيطرح على طلابه سؤالاً ومن ثَمَّ يجيبون عليه، فيرد عليهم بأنَّ إجاباتهم ما هي إلا تخمينات وظنون، ثم يقنعهم بالانتقال لإجابات أخرى أكثر واقعية حتى يتبين لهم الحق واضحاً لا غبار عليه.
كما استخدم علم المنطق من بعد الفيلسوف سقراط تلميذه الفيلسوف أفلاطون والذي استخدم مع الطلاب إستراتيجية معلمه سقراط (توليد المعاني) أي: بطريقة السؤال والجواب, حتى تتضح الأمور للطلاب ويصلون في نهاية النقاش إلى الحقيقة المطلوبة.
وقد استخدم أيضاً علم المنطق من بعد الفيلسوف أفلاطون تلميذه الفيلسوف أرسطو، حيث اعتمد على طريقة (المقولات) والتي تهتم بما يأتي: الموجودات، والقياس، والبرهان، والجدل، والمغالطة، والخطابة، والشعر. كما أنَّ الفيلسوف أرسطو ألَّفَ كتاباً في علم منطق أسماه (النص) ويشتمل على ثمانية كتب، أربعة منها تختص بالقياس, حيث كان القياس في نظر أرسطو هو صورة الاستدلال.
وقد تم استخدام المنطق في القرآن الكريم حيث أشارت بعض الآيات الكريمة له, من ذلك:
كما في قوله تبارك وتعالى: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}.. وفي قوله تبارك وتعالى: {إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَر}.
وإذا أردنا أن نعرف متى تم إدخال علم المنطق في الدول الإسلامية, نجد بأنَّ أول من استخدمه عبدالله المأمون ابن أمير المؤمنين هارون الرشيد في سنة 195هـ, فعندما تولى زمام الخلافة الإسلامية أراد الانفتاح على العلوم الأخرى غير الإسلامية والقراءة بها, فأرسل إلى كهنة الكنائس اليونانية أن أرسلوا لنا من بعض علومكم لكي نقرأها, وقد تردد الكهنة في إرسال العلوم الفلسفية ومن علم المنطق لـ عبدالله المأمون إلاَّ أنَّ أحد الكهنة أشار إلى البقية بقبول طلب عبدالله المأمون وإرسال بعض العلوم التي لديهم للمسلمين لسببٍ ما!!.
وبعد ذلك تم استخدم علم المنطق عند بعض عامة المسلمين بحجة: (الحكم ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها), كما تم استخدامه من قِبل بعض العلماء المسلمين ومن أشهرهم الإمام الغزالي، حيث يقول: «من لا معرفة له بالمنطق لا يوثق بعلمه».
في حين نجد بأنه قد تم منع استخدام علم المنطق من قِبل بعض العلماء المسلمين أمثال: النووي الفقيه، بن الصلاح, بحجة أنَّ علم المنطق أسسه فلاسفة اليونان الضالين عن طريق الإسلام، فكيف نقبل منهم ذلك.
وبعد ذلك..
هل يمكن الاستفادة من علم المنطق في مجال التعليم؟..
من وجهة نظري الشخصية نعم.
من خلال تدريس علم المنطق كأحد فروع علم الفلسفة الذي تم الإعلان عن تدريسه إبان عهد وزير التعليم د. أحمد العيسى, أو من خلال استخدام الإستراتيجيات المؤدية لعلم المنطق مثل: السؤال والجواب, العصف الذهني, حل المشكلات... إلخ، عند تدريس المواد بشكلٍ عام, وبشكلٍ خاص عند تدريس المواد العلمية مثل: الرياضيات والعلوم... إلخ, وذلك لأنها تحتاج إلى إثباتات وبراهين واستدلالات في المسائل الرياضية والتي قد تتناسب مع علم المنطق.
فاستخدام الأساليب المؤدية لعلم المنطق يكسر الجمود عند الطلاب والطالبات, ويجعلهم يصلون للحقيقة عن قناعة تامة بها, كما أنَّ فيه تنويع لطرق التدريس ويجعلها أكثر فاعلية خصوصاً أنَّ بعض المعلمين والمعلمات لا زالوا يعتمدون على أسلوب الإلقاء (المحاضرة) والتي تُهمش تفاعل الطلاب والطالبات مع الدرس بشكلٍ أفضل. ختاماً.. العلم الذي يستخدم البراهين والأدلة للتأكيد على صحة المعلومة يكون أكثر قناعة وثباتاً لدى المتعلمين والمتعلمات.
@Mosaedalbakhat
Mosaedsaeed@hotmail.com