رجاء العتيبي
عندما يأتي عصر جديد، يأتي بمعاييره معه، وناسه وأدواته ووسائله، ونظرياته وأفكاره وجيله، وطالما نحن على مشارف (الثورة الصناعية الرابعة) فإن أي تغيير في الإعلام لا يتواكب مع هذا العصر فهو ضياع وقت وجهد ومال، الثورة الصناعية الرابعة تتحدث عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة والنانوتكنولوجي، والروبوتس، والحوسبة الكمية، والطباعة ثلاثية الأبعاد... إلخ.
ملامح لعصر جديد تفرض سياقات خاصة بها، ليس لنا إلا مجاراتها والتماهي معها وتحويلها لصالحنا حتى نكون المجتمع البشري الحيوي الذي يتعايش مع زمنه، لهذا لوم الإعلام والإعلاميين وأنهم أخطأوا البوصلة وباتوا غير مؤثرين، وغير فعالين، ليس حلاً، الذي يملك القرار، الذي يكون في هرم السلطة، يمكن له أن (يصنع ويتخذ) القرار الصحيح من دون أن يدخل في جدليات الأسباب والمسببات.
الذي لا ينطلق في رؤاه التجديدية من واقع الثورة الصناعية الرابعة لا أظنه سيجد الطريق، سيظل يكرر المحاولة والخطأ حتى يتغير ويأتي شخص آخر.
المجتمعات الإدارية لا تريد كلامًا ونقاشًا وجدلاً ولا ماذا يريد مَن مِن مَن؟ التحولات الكبرى لا يصنعها الكلام، وإنما رؤى من أفراد استثنائيين، يضعون يدهم بيد الفريق ثم ينطلقون سوية باتجاه الهدف، إلقاء اللوم على الآخرين، وتحميلهم الفشل، ونشر أجواء مكهربة لمدة ساعات طويلة لا يفضي إلى نتيجة.
المؤسسات الإعلامية التقليدية أخفقت في تحقيق الرؤية 2030 هذا أمر متفق عليه، مر بها أكثر من مسؤول كبير في فترات قصيرة ولم يتحقق شيء، وما زالت تتلمس الطريق، ولا أظن الوصول للطريق سهلاً مع مؤسسات إعلامية مترهلة وتركة ثقيلة، وهيكل إداري ينوء بالأحمال، ومركزية معطلة، كيف يمكن لنا أن نترك الهياكل الإدارية والمركزية ونشتغل بحيوية وفرق إعلامية مستقلة وأفكار إبداعية، التحول لا أظنه سهلاً، إلا في حال هدم الهيكل الإداري ككل، ثم إعادة بنائه من جديد بطرق تتناسب مع روح العصر.
بدلاً من بناء هيكل إداري يفضي إلى طبقية مهنية، اعمل على بناء (أنظمة استجابة) للمبدعين في مجال الإعلام، دعهم يعملون من مقر إقامتهم وليس بالضرورة من مقر العمل الرسمي، اعمل على بناء فرق مهمتها (اصطياد) الموهوبين في مجال الإعلام على اعتبار المؤسسات الفعالة بالضرورة بها أناس فعالون.
اعمل على إستراتيجية تطويرية مقصودة بذاتها، وليس كونها ردة فعل فحسب، لأن ردات الفعل تتلاشى بمجرد تلاشي المسبب.