د. حسن بن فهد الهويمل
الحرب حربان: نفسية, وجسمية. الأولى تهز الثقة, والثانية تتلف الأجساد.
الأولى تمهيد. والثانية تنفيذ. وبقدر نجاح الأولى, تنجح الثانية.
قدر (المملكة) وإنسانها يتمثَّل في:
- خَوْضِ المعركتين بكل ما فيهما من شراسة.
- محاولة الخلوص من عقابيل اللعب القذرة, ومن نتائج (الربيع العربي).
- تمكنها من التأثير الفاعل على ما يدور في المنطقة من تجاذبات, وتعارضات للمصالح.
كل ذلك جعلها مستهدفة: قيادةً, وإنساناً, وعقيدةً, وأرضاً لإرغامها على تخلية الأجواء.
عالمنا العربي ظل, ولمَّا يزل طريدة الأطماع: الدينية, والاقتصادية, والنفوذ.
والطامعون: قوميات, وديانات, وحضارات: (الفرس) و(الروم) و(الأتراك) و(الروس).
ولأن (الأمة العربية) هي رمز الإسلام, ولأن (المملكة العربية السعودية) هي ذروة سنامها: عقيدةً, وأرضاً, وتاريخاً. ولأنها ملتزمة بمهماتها الإسلامية, والقومية: تدفع, وتدافع, وتملك المال, والأعماق: الدينية, والبشرية, والاقتصادية, والعراقة السياسية, وسائر مقومات الدولة الحضارية, فقد أصبحت الهدف الرئيس لكل الطامعين. فبقاؤها يشكِّل عقبة في طريقهم, وغصة في حلوقهم.
ثم إن هذه الشبكة من الإمكانيات, والتحديات جعلت المواطن السعودي غرضاً تعتوره السِّهام, حتى لكأنه جسم (المتنبي):
رَمَانِي الدَّهْرُ بِالأرْزَآءِ حتى
فُؤَادِي في غِشَاءٍ مِنْ نبالِ
فَصِرتُ إذا أصَابتني سِهامٌ
تكسَّرت النصالُ على النِّصالِ
وهَانَ فَمَا أُباليِ بالرَّزَايا
لِأَنِّي ما انتفعت بأن أبالي
أمام هذه التحديات المتعدِّدة, والمتنوِّعة بقي (الإنسان السعودي) صامداً, ما تزيده الرزايا إلا تمسكاً, وتلاحماً.
(الأمة الإسلامية) مُنِيَتْ بحملات متعدِّدة, ومتنوِّعة: عسكرية, وثقافية, ودينية. نَفَّذها الصليبيون, والتتار, والنابليونيون, والأتراك, يتبادلون الأدوار.
(حملة نابليون) ثقافية حوَّلت أنظار العرب إلى الغرب.
و(حملة إبراهيم باشا) عسكرية, تدميرية, دموية. لم تحقق إلا خيبات الأمل.
تحولات تحيِّر العقول, وتخيف المخيفين, فما بالك بالخائفين
هذا هو قدر (الإنسان السعودي) إنه قدره العصيب, وهو في راهنه أشد, وأنكى:
حَبْلُ الفَجِيعةِ مُلتَفٌ على عُنُقِي
مَنَ ذَا يُعاتِبُ مَشْنُوقاً إذا اضْطَربا
وكأني بالتاريخ يعيد نفسه. وكأني بالشاعر (أحمد شوقي ت 1932م) يصدح:
سَلامٌ مِنْ صَبَا بَرَدَى أَرَقُّ
وَدَمْعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشق
وكأني بالشاعر (محمود غنيم ت 1972م ) يصدح هو الآخر:
إِنِّي تَذَكَّرتُ والذِّكْرى مُؤَرِّقَةٌ
مَجْداً تَلِيداً بِأيدينا أَضَعْناهُ
وَيْحَ العروبة كَانَ الكَوْنُ مَسْرَحَها
فَأَصْبَحَتْ تَتَوارى فِي زَوَاياهُ
أَنَّى اتَّجَهْت إِلى الإسلامِ في بَلَدٍ
تَجِدهْ كالطَّيرِ مَقْصُوصاً جناحاه
كَمْ صَرَّفتنا يَدٌ كنا نُصَرِّفُها
وباتَ يَحْكُمُنَا شَعْبٌ مَلَكْنَاهُ
وكأني بالشاعر (عمر أبو ريشة ت 1990م) يصدح بتأوهاته:
أيْنَ دُنْيَاكِ التِي أَوْحَتَ إِلَى
وَتَرِي كُلَّ يَتَيمِ النَّغمِ
كَمْ تَخَطَّيتُ على أصْدَائِهِ
مَلْعب العِزِّ ومَغْنَى الشَّمَمِ
وتَهادَيتُ كَأنِّي سَاحِبٌ
مِئْزري فَوْقَ جِبَاهِ الأَنْجُمِ
رُبَّ وامعتصماه انطلقت
مِلْءَ أفْواهِ الصبايا اليُتَّمِ
لامست أسماعهم لكنها
لم تُلامِسْ نَخْوةَ المعتصم
لو بُعِثَ الثلاثة: (شوقي) و(غنيم) و(أبو ريشة) ونظروا إلى واقع أمتهم, ماذا تراهم يقولون. لقد أبدعوا تأوهاتهم, وفي أمتهم بقايا من سحيق الحقب.
أن يسعى الغرب, والشرق, وإيران, وتركيا وراء أطماعهم, فذلك أمر متوقّع, ولكن أن يشاطرهم الأمر, ويتذيل لهم بكل الذلة, المهانة, والغباء عرب عققة, جهلة أمثال: (قطر) و(حماس) و(الإخوان) و(الحوثيين), وحزب الله، والحشد الشعبي، فذلك ما لا يمكن تصوّره, ولا القبول به.
نعود لنقول الهدف الرئيس لكل الأعداء (اللحمة الوطنية), (والجبهة الداخلية). فمتى صُدِّعت انتصر الأعداء, وحققوا مرادهم.
المملكة وحدها اليوم في اللهب, ولا تحترق, ورهانها في صمود إنسانها, وتلاحمه مع قيادته, وعلمائه, ونخبه الفكرية. آخر تغريدة وجهتها للمواطن السعودي:
(على المواطن السعودي ترويض نفسه أمام الحملات المغرضة:
- هناك عدو يثبط.
- ومحتاج يضغط.
سياسة الدولة الدفع بأهون الضررين, ثم هي تملك أعماقاً متعدِّدة. فالمتحرِّش بها يتربّص إحدى الحسنيين: الدفع, أو الدعم. ولأن لها خياراتها,
وسيادتها فقد تُخَيِّب الظنون. موالاة الأعداء, و(ملك الرمال) بعض الضغوط الفاشلة).
نَصْرُك اللهم الذي وعدت به عبادك المؤمنين..