أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أقوال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -رعاه الله - قوله: (لقد شرَّف الله المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، خدمة نفخر بها، فجعلنا رعايتهم وسلامتهم في قمة اهتماماتنا، وسخَّرنا لهم كل ما يعينهم على أداء حجهم، وفق مشاريع متكاملة تهدف إلى تيسير أداء الحج، وسلامة قاصدي بيته الحرام، ومسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، مكملين بأعمالنا الجهود الجليلة التي بذلها ملوك هذه البلاد المباركة، منذ عهد مؤسسها جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله رحمة واسعة).
هذه الكلمات الخالدة لها دلالاتها العميقة ومعانيها العظيمة - سبق وأن تحدثت عنها في هذه الزاوية بمقال سابق - ولكنني اليوم استشهد بهذا النص الرائع في مقام ما اتخذته قيادتنا الحكيمة من تدابير وقائية وقرارات احترازية تمثَّلت في تعليق الدخول للمملكة العربية السعودية من أجل أداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف هذه الأيام، وهذه القرارات من شأنها - كما هو معلوم - تحقيق سلامة المعتمر والزائر لهذه البقاع المباركة بعد أن انتشر فايروس كورونا في دول العالم وصار يهدِّد الكل - لا سمح الله.
إن حكومتنا الحكيمة العازمة الحازمة تدرك مسؤوليتها المباشرة عن سلامة وأمن وراحة كل من وفد إليها أياً كانت الصفة التي تلبس بها ومن أي الطبقات والفئات والجنسيات والأعراق والمذاهب والمرجعيات كان، فكيف إذا كان من وفود الرحمن الذين جاءوا طلباً للأجر والثواب من عند الرب الكريم الوهاب، ولذا كان منها هذا التعليق المؤقت الذي يدل على سيادتنا المطلقة على هذه الأرض المباركة وحرصنا الشديد على سلامة الوافد العزيز، ولا ريب أن العقلاء يدركون الأثر الإيجابي لهذا القرار الرشيد الذي يتحقق به بعد حفظ الله ورعايته السلامة من الإصابة بهذا الفايروس المعدي - لا سمح الله- ومن المعلوم أن سلامة الإنسان جنس الإنسان وعدم إصابته بالعدوى من مثل هذه الأوبئة الخطرة مقدَّم في الشريعة الإسلامية على تأديته مناسك العمرة وما ماثله من أعمال تعبدية تطوعية، إذ متى تعارضت المصلحة العامة مع الخاصة قدمت العامة قطعاً.
إن اتخاذ هذا القرار الذي قد يلغي مصلحة البعض ممن أتموا حجوزاتهم هو في النهاية أفضل بكثير من لو -لا سمح الله- كان منهم المجيء وأصيب أياً منهم بهذا الفايروس الخطير، فالحمد لله أولاً وأخيراً أن حفظ بلادنا حتى هذا الوقت من دخول الكورونا لبيوتنا، ثم الشكر كل الشكر للجهات ذات الاختصاص بالمتابعة والرصد والوقاية والعلاج على ما تبذله من جهود جبارة في هذا الباب. حفظ الله قادتنا وأدام سلامتنا ورزقنا جميعاً شكر ربنا، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.