سهوب بغدادي
هل نأكل لنعيش أم نعيش لنأكل؟ سؤال فلسفي عميق، أليس كذلك؟ سهل المعنى وعميق المغزى ولكنه صعب التطبيق في ذات الوقت. في الوقت الذي نعيش فيه ازدحام حياتنا اليومية ومع ظهور ثقافة «التيك أوي، الديليفري» بالإضافة إلى انتشار إبداع الأسر المنتجة، يصعب على الشخص المواظبة على حمية غذائية صحية، على الأقل حمية (معقولة وعقلانية) لا تلك التي تحرم الشخص مما لذ وطاب ولا التي تجعل من حوله يشفقون عليه. فيما ذكر لي ذات مرة الإعلامي الأستاذ مفيد النويصر أن من يريد أمر ما، فكل ما عليه أن يجعل هذا الأمر هوس وشغف وشغله الشاغل، عندها ستحقق كل ما تريد ويتضمن ذلك خسارة الوزن لكسب الصحة، في حين ألقي الضوء وأشدد على أهمية خسارة الوزن لكسب الصحة في الاعتبار الأول ثم للأسباب الأخرى الظاهرية. من هذا المنطلق، شدني اسم لطيف جدا لحمية جديدة بارزة على الساحة تدعى (كيوت كيتو) أي حمية (الكيتو الظريفة أو المصغرة) وهي ما أطلقه عليها استشاري الأمراض الباطنة الدكتور حسام أبو موسى نتيجة علاجه عدد كبير من حالات تراكم الدهون على الكبد وتبعات السمنة وتأثيرها على وعاء وجوف الجسد، وهي بكل بساطة، ما ورثنا من الهدي المحمدي متمثلا فيما رواه الترمذي: (ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).
إذ أثبت العلم الحديث أن المشكلة تكمن في أغلب الأحيان في الكم لا النوع مع بعض التحفظات على أنواع سيئة جدا من الطعام كالسكريات والزيوت المهدرجة والسم الأبيض -السكر والملح والدقيق-، وما إلى ذلك. يقول الدكتور: «إن الحياة سهلة ولا ينبغي أن نعقد الأمور لأنفسنا حتى نصل إلى الوزن المثالي، فبإمكانك أن تأكل ما تشاء ولكن بكميات قليلة على مبدأ علمي حديث يعرف بنظام الوجبات الصغيرة غير المشبعة مع الصيام المتقطع الذي أثبت فعاليته في العديد من الحالات، بالإضافة إلى صيام 16 ساعة وهو صيام المسلمين مرتين في الشهر على الأقل، كما تعد ممارسة الرياضة والنوم المبكر والمنتظم من أهم عوامل الحفاظ على الوزن والصحة بشكل عام. فيما شدد على أهمية خلو الشخص من الأمراض الباطنية الخفية التي تمنع نزول الوزن بالشكل المطلوب ككسل الغدة الدرقية ومشاكل النوم المختلفة كانقطاع النفس وغيرها من الأمراض. فضلا عن أهمية الاستعانة بمتخصص في مجال التغذية الإكلينيكية لتطبيع الحمية الغذائية على نمط حياة الشخص ويشمل ذلك على مدى نشاط الشخص في يومه ونوعية وكمية أكله المعتادة والكمية التي يحتاجها لخسارة الوزن أو لبناء العضلات فخسارة الوزن تختلف باختلاف الغذاء ومكوناته. على صعيد شخصي، توقفت عن شرب المشروبات الغازية المليئة بالسكر منذ عام أو ما يزيد ولمست تغيرا جيد جدا، ليس بالتغير الهائل حقيقة ولكنه مرضي، فعلى الأقل تخلصت من حصى الكلى الذي سبب لي آلاما لا تطاق ولا أتخيل أن أتحملها مجددا بإذن الله، إن التغيير لا يأتي فجأة فأخذ خطوات صغيرة واحدة تلو الأخرى من أهم عوامل النجاح في أي أمر في الحياة.
(الأكل من ملذات الحياة، فكونوا ذواقين)