عقل العقل
وزارة الإعلام عاشت ومرت في تجارب تفكيك هيكلية كبيرة في جهازها الإداري والإعلامي في السنوات القليلة الماضية، السياسي هو من دفع لهذه الخطوات الهامة في رسالة قوية في عدم رضاه عن دور منظومة الإعلام الرسمية في مواكبة دور المملكة على أصعدة كثيرة، البعض يرى أن دور الإعلام الرسمي هو الجانب التشريعي والرقابي وهذا قد يكون انتفى في ظل الثورة ألمعلوماتي التي يعيشها العالم، فلا الحدود والرقيب فيها هو من يحدد ماذا يقرأ الناس في هذا المجتمع أو ذاك، دول في منطقتنا ألغت وزارات الإعلام ولم يتغير في منظومتها الإعلامية أي خلل أو انفلات بل الغالبية منها تحسن أداء أجهزتها الإعلامية الرسمية من إذاعة وتلفزيون عندما أصبحت هيئات ومؤسسات عامة، الغريب أننا في ظل وجود هيئات رسمية للتلفزيون والإذاعة إلا أننا نشهد أن الأداء لم يتغير وأظن إن التغير أو المساحة التي تمتعت لها هذه الهيئات لم تحصل إلا في شئونها المالية والإدارية أما في مجال الأداء الإعلامي التلفزيوني والإذاعي فهي جامدة لم يتغير وضعها عن السابق، البعض يعتقد أن ما نعيشه من تغيرات متسارعة على مستوى الهرم الوزاري أو على رؤساء الهيئات الإعلامية الرسمية هو أمر طبيعي تتطلبه تغير المفاهيم مما يراد من هذه المنظومة الإعلامية الرسمية، البعض يؤمنون أن الإعلام الرسمي يلفظ أنفاسه الأخيرة في ظل هذا الانفتاح الإعلامي الجديد، ولكن الغريب أن هناك دول راسخة في الديمقراطية وآخري غارقة في الشمولية لم تتخلَ عن أعلامها الرسمي، بل إن لها محطات تلفزة موجهة لمنطقتنا وتحصل على نصيب كبير من نسب المشاهدة الهاربة من محطات التلفزة العربية الرسمية وخاصة في أوقات الأزمات، فبريطانيا مثلاً لا زالت محطاتها التلفزيونية والإذاعية تعتمد على أموال الضرائب المستقطعة من رسوم مالكي أجهزة التلفزيون فهي لا تحصل على دعم مباشر من الحكومة، بل من دافعي الضرائب وهذا خلق لها مساحة وهامش من الحرية في أدائها الإعلامي.
على الجانب الآخر نجد مثلا دولة مثل روسيا الاتحادية لها جيش إعلامي ناطق بالعديد من اللغات الأجنبية ومنها محطة روسيا اليوم والتي تملكها الحكومة الروسية ولا يوجد فيها إعلانات تجارية ورغم ذلك أرى أنها من الأدوات الناجحة والقوية في الدفاع عن مصالح روسيا الاتحادية.
نحن في العالم العربي ومن متابعة مستمرة تجد أن هناك بعض الدول العربية قد ألغت وزارات الإعلام فيها وقلصت الجهات الرسمية المشرفة على الإعلام الرسمي وقلة من تلك الدول نجحت في أدائها الإعلامي الرسمي والكثير منها فشلت وعاد بعضها لحضن وزارة إعلام رسمية والبعض يشخص العجز الإعلامي الرسمي بإلغاء وزارة الإعلام وأن الحل هو بالعودة لوزارة أعلام.
من قراءة المشهد الإعلامي العربي نجد أن دول الخليج ومؤسساته الإعلامية هي من تسيطر على المشهد الإعلامي العربي عن طريق محطات تلفزة وصحف تملكها مؤسسات خاصة مع بعض الدعم الحكومي ولكنها بعيدة كل البعد عن الأجهزة الرسمية الحكومية وهذا يدل على أن العمل الإعلامي التجاري الوطني هو من يصنع الإعلام بقوالب جذابة، أما إنفاق الملايين على موظفين ومشروعات إعلامية رسمية فلا بأس أن تبقى كصوت رسمي للدولة ولكن لا نتوقع منها التأثير في الداخل والخارج.