عبدالعزيز السماري
كتب الأستاذ بكلية الشريعة وعضو المجلس العلمي في جامعة الإمام سابقًا وعضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر والخبير بمجامع الفقه الإسلامية الدكتور الشيخ محمد الصالح مقالاً في الأسبوع الماضي في جريدة الجزيرة، يقترح فيه تطبيق الوصية الواجبة، فحسب قوله -حفظه الله- كثرت الشكوى بحرمان أولاد المتوفى حيث صاروا للتهميش والتشرد، والضياع أو الانحراف حيث لم ينلهم شيء من التركة، فقرر العلماء إن جد هؤلاء إذا لم يعط أحفاده مثل نصيب أبيهم أو يوصي لهم به فهنا وجب تنفيذ الوصية الواجبة..
وكنت قد كتب مقالاً قبل ذلك بنحو عام في أبريل 2019، في زاويتي عن الوصية الواجبة في نظام الإرث في الإسلام، فقد تم تلافي في أغلب الدول العربية حرمان أولاد الابن والبنت المحجوبين عن الميراث، حيث قال بعض العلماء بوجوب الوصية - حسب النص الصريح، لمن لم يكن لهم ميراث، وبناء عليه وضع في مصر القانون رقم 71 لسنة 1946م وعمل به من أول أغسطس من العام المذكور..
أُخذت قوانين الأحوال الشخصية في أغلب الدول العربية بمبدأ الوصية الواجبة؛ وهو قول الظاهرية ومتأخري الأحناف الذين يوجبون الوصية للأقارب إن لم يكونوا من الورثة كما في حالة الحجب؛ استنادًا إلى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إن تَرَكَ خيرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقربينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}؛ وقد رأى فريق من العلماء والفقهاء المحدثين أن أبناء المتوفى في حياة أبيه أحق الأقارب في هذه الوصية من ميراث جدهم أو جدتهم.
تستحق هذه المسألة الاجتهاد، فهي أمر حيوي، وقد يكون حبل النجاة لأحفاد يعانون من الفقر والحاجة لسبب حرمانهم من إرث والديهم، وهو أمر يستدعي الخروج بحل شرعي لإنصاف هؤلاء كما فعل السابقون، ومن خلال بحث مبسط سنجد مسألة ميراث الأحفاد من جدهم حصة أبيهم أو أمهم المتوفين قبل الجد شائعة، وقد أصبح تردد هذا السؤال ظاهرة تستوجب النظر، وقد حاول الفقهاء السابقون والمعاصرون إيجاد حلول لهذه المعضلة، التي يتضرر منها أبناء الابن أو البنت المتوفيين قبل الجد.
لقد تجاوزنا كثير من الأزمات، وأسهم بعض العلماء في فتح أبواب الاجتهاد لإصلاح بعض الشؤون الاجتماعية والاقتصادية، وكان الهدف منفعة الناس وإنصافهم وتسهيل أمورهم، ولهذا أضم صوتي مرة أخرى لصوت الشيخ العالم، الذي سعدت باقتراحه، على أمل أن تكون الوصية الواجبة حلاً شرعيًا لمعاناة الأحفاد بعد وفاة أحد والديهم، والله ولي التوفيق..