د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تدشّن السعودية دخولها عصر الغاز بتطوير حقل الجافورة العملاق، ومن المرجح أن تتقدم السعودية من المرتبة التاسعة في عام 2018 إلى المرتبة الثالثة في عام 2030 وفقا لأحدث بيانات شركة BP ما سيجعل السعودية أحد أهم منتجي الغاز في العالم ليضاف إلى مركزها كأهم منتج للنفط، وهو ثقل جديد للسعودية كلاعب أساسي في سوق الغاز أيضاً.
حيث تحتل أمريكا المركز الأول بـ 831.8 مليار متر مكعب بحصة 21.5 في المائة تليها روسيا بإنتاج 669.5 مليار متر مكعب فإيران ثم كندا، قطر، الصين، أستراليا، النرويج، فالسعودية أي أن 10 دول تستحوذ على 70.3 في المائة من الإنتاج العالمي في 2018 بـ2.71 تريليون متر مكعب.
يقدر حجم موارد الغاز في مكمن الجافورة بنحو 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز الرطب الذي يحتوي على سوائل الغاز في الصناعات البتروكيماوية ما يعني أن الدولة ضمنت استدامة تلك الصناعة التي تعول على قدرتها في تنويع القاعدة الصناعية ويمتلك هذا المكمن أيضاً على مكثفات ذات القيمة العالية.
يحتاج تطوير الحقل إلى استثمارات بحجم 412 مليار ريال حتى يصل إنتاج الحقل إلى 2.2 تريليون قدم مكعبة عام 2036 يمثل نحو 25 في المائة من الإنتاج الحالي وسيكون الحقل قادراً على إنتاج نحو 130 ألف برميل يومياً من الإيثان تمثل نحو 40 في المائة من الإنتاج الحالي ونحو 500 ألف برميل يومياً من سوائل الغاز والمكثفات اللازمة للصناعات البتروكيماوية تمثل 34 في المائة من الإنتاج الحالي.
سيؤدي تطوير الحقل إضافة إلى برامج السعودية في تطوير الطاقات المتجددة لتحقيق المزيج الأفضل في تنويع مصادر الطاقة الذي يدعم سجلها في حماية البيئة واستدامتها، ويعزز في نفس الوقت استمرار جهود التنمية التي خططت لها الدولة وفق رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد الوطني واستثمار الميزات النسبية التي تملكها السعودية وتحويلها إلى ميزات تنافسية تعزز مكانتها الرائدة في سوق الطاقة العالمية والصناعية.
يتزامن اكتشاف هذا الحقل العملاق مع عام رئاسة السعودية مجموعة العشرين ما يعزز دورها الريادي والقيادي في صنع مستقبل العالم في ظل توجهها لمصادر الطاقة النظيفة والأقل في الانبعاثات الكربونية، حيث وجه سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إلى أن تكون الأولوية في تخصيص إنتاج الحقل وسوائله للقطاعات المحلية في الصناعة والكهرباء وتحلية المياه والتعدين وغيرها لمواكبة معدلات النمو الطموحة وفق رؤية 2030.
يأتي تطوير حقل الجافورة ترجمة سريعة لرؤية 2030 وهو يأتي أيضاً ضمن ملف بدائل الطاقة وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على مصدر واحد بهدف تحقيق أعلى درجات الاستقرار الاقتصادي.
تركيز السعودية على سلعة الغاز استشرافاً لواقع أسواق الطاقة في ظل المتغيرات المتسارعة ويعكس بعد نظر القيادة السياسية لمستقبل الطاقة، وفي نفس الوقت سيحقق الحقل هدف أرامكو لتصبح أكبر شركة طاقة وكيميائيات متكاملة في العالم، ما سيعزز تنويع موارد الشركة ويعطي شركة أرامكو القدرة على إدارة التنويع الاقتصادي الوطني.