عمر إبراهيم الرشيد
التاريخ أستاذ عظيم ويملك إجابةً لأي سؤال يطرحه عليه تلامذته من العقلاء وطلاب الحكمة أينما كانوا. في مقالي السابق استحضرت سطوراً من صفحة تاريخ الهند الحديث عند استقلالها عن بريطانيا عام 1987م، وفي الصفحة التالية تجد أن التطرف الهندوسي يغتال من قاد الهنود لنيل استقلالهم وهو المهاتما غاندي وذلك بعدة رصاصات أودت بحياته وهو في السابعة والثمانين. ثم أتى السيخ بدورهم واغتالوا رئيسة الوزراء أنديرا غاندي ثم ابنها راجيف، أي أن المجتمع الهندي قد خبر التطرف والتعصب الأعمى منذ ردح من الزمن غير قصير، ولعل خطاب الرئيس الأمريكي في زيارته الأخيرة للهند، وخطاب ناراندرا كذلك قد سكبا الزيت على النار، فقد اندلعت على أثرهما الاعتداءات الأخيرة من متطرفين هندوس على المسلمين الهنود. علماً بأنه قد سبق دخول القوات الهندية إلى كشمير منذ ما يقرب حوالي ثلاثة أشهر والتي استبقتها الحكومة الهندية بمنع وسائل الإعلام العالمية من دخول الإقليم!
ولعل من الجدير بالتذكير أن الهند من دول العشرين وهي تتقدم إلى الصفوف الأمامية اقتصادياً على مستوى العالم، وأصبحت مصدرة للعقول ورجال الأعمال والبضائع، عدا عن كونها من الحضارات القديمة بتاريخها وفلاسفتها وشعرائها. ولذلك هي تثير الاستغراب بحكومتها الحالية وهي تغض الطرف عن استشراء التطرف كما رأينا مثاله الأخير. وإنه من المدهش حقاً استخدام وصف (أكبر ديمقراطية في العالم) فقط لوصف العملية الانتخابية لكبر حجم المترشحين وكذلك المقترعين، دون الالتفات إلى المعنى الشامل للديمقراطية. والهند دولة أصبح لها ثقلها اقتصادياً ومن ثم سياسياً وأبعد ما تكون عن الحاجة إلى الصراعات بين مكونات شعبها، أو بينها وبين باكستان وغيرها.