د.عبدالعزيز الجار الله
كانت إيران وما زالت في المصادر القديمة والحديثة تطلق على الجزيرة العربية السعودية ودول الخليج العربي، تطلق عليها بلاد الرمال (الرمل) رغم وجود رمال في إيران مماثلة لرمالنا، والأطالس العربية تطلق على بلاد فارس بالهضبة الفارسية وبلاد الجبال والأنهار، ليس فقط إيران، بل بلدان آسيا الوسطى وتركيا حتى الحدود الحالية للصين وروسيا.
لكن كيف تحولت بحار الرمال في السعودية إلى مخزون نفطي وغاز ومعادن بعد أن كانت رمزاً للعطش واليابسة والجفاف المتشقّق، أراد الله لهذه الأرض أن تكون خزنات لخيرات قادمة من النفط والغاز، بحاراً من الخيرات تحت الرمال، لدينا أربعة تجمعات رملية كبرى يطلق عليها بحار الرمال هي: الربع الخالي، النفود الكبير، رمال الجافورة والبيضاء، الدهناء. ورمال أقل مساحة وكثافة رملية هي: عروق المظهور والأسياح، السياريات، الثويرات، عريق البلدان، نفود السر، ونفود العريق، ونفود قنيفذة والغماس والدحي والسرة والوادي، وعروق سبيع، وعروق صغيرة على شواطئ البحر الأحمر.
هذه التكوينات الرملية التي شكّلت الملاذ الآمن للجزيرة العربية من الغزاة والطامعين في الدخول لوسط الجزيرة العربية باعتبارها مقبرة للغزاة، وقد احتمى ولاذ بها أهل الشام والعراق والأحواز عندما تأتيهم الحملات والانكسارات السياسية زمن الغزوات والحروب البيزنطية والفارسية والاستعمار الأوروبي. هذه البلاد التي بلا أنهار ولا بحيرات ولا مسطحات مائية أراد الله لها أن تكون الحقول الأوفر بالغاز في العالم، وأراد لها العزيز الحكيم أن تضم النفط والجبال والبحار وقبلة العالم الإسلامي والأمن والأمان والاستقرار، فما زالت هي الملاذ الآمن لكل الفارين من اضطرابات بلدانهم في الشام واليمن والوطن العربي ودول العالم، حيث تحول الخليج إلى خيار أفضل لطالبي العمل، في حين بلدان الأنهار مثل إيران التي كانت تنظر لمن حولها بفوقية هضبة فارس تعيش أصعب مراحلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نحمد الله كثيراً، نحمده على خيراته، ولا نعيب أو نتشفَّى بأحد، إنما وقائع وحقائق الحال تكشف تاريخ الشعوب والدول التي مارست الفوقية في فترة تاريخية. إن التوازنات والدورات الاقتصادية والحضارية لا تتوقف، وإن شعوب الرمل تنحني للعاصفة لكنها تبقى شامخة وثابتة كالطود العظيم.