حوار: وفاء أحمد:
أحبت الطبخ منذ نعومة أظفارها، ولدت في البرازيل وعاشت طفولتها في 6 دول مختلفة ودرست في المدارس الأمريكية هناك بسبب أن والدها عمل سفيرا للمملكة في عدة دول، والتحقت بجامعة الأخوين بالمغرب في تخصص الموارد البشرية، ورغم حبها للطبخ إلا أنها لم تكن تكتشف بعد أنه شغفها الأول.
عملت الطاهية والمتذوقة إيمان قزاز في البنوك لمدة 14 عاما حتى استقالت وتفرغت لشغفها الأول.
تقول إيمان لـ«الجزيرة» إنها لا تُعرّف نفسها بطاهية أو شيف بل هاوية طبخ حيث أنها تمتلك حاسة تذوق عالية، وتفرق تماما بين النكهات الأساسية الخمس وهي: الحلو، والمالح، والحامض، والحار، والأومامي، مضيفة أنها قادرة أن تمزج بين النكهات حتى يكون هناك طعم مميز للأكل، وبإمكانها أن تضيف نكهات من المطبخ الآسيوي على المطبخ السعودي لتظهر حدة الطعم ولذته دون أن ينتبه أو يشعر المتذوق بأن هناك مزجا بين نكهات المطابخ العالمية، وذلك بسبب أنها ترعرعت في دول كثيرة وتسنى لها زيارة 30 دولة عند بلوغها سن 28 سنة مما ساعدها على صقل وتكوين حاسة التذوق لديها.
تحكي إيمان نقاط التحول في حياتها عندما عادت إلى السعودية في عام 2000م وتقول إنها أحست بالضياع حينها لأنها تجهل العادات والتقاليد والتراث السعودي كونها نشأت وترعرعت في الخارج، وزاد من حيرتها أنها تحمل على كاهلها ثقل كونها ابنة سفير سعودي وبدورها تمثل السعودية وتمثل بلدها التي تجهل عنه الكثير، وعند حضورها لأحد المهرجانات المقامة بالمملكة تذوقت طبق الجريش وعند سؤالها عن المطبخ الذي ينتمي إليه ذاك الطبق الشهي صدمت أنه من المطبخ السعودي.
وبعد فترة وتحديدا في عام 2012م قدمت صديقتها مغربية من أصل عراقي- درست معها في المرحلة الجامعية - لزيارة مدينة جدة وعند لقائها طلبت منها المشاركة في قناة الطبخ الخاصة بها عبر اليوتيوب لإعداد والحديث عن صنف من أصناف المطبخ السعودي، وحينها تم تصوير طبق السمبوسة، وعندما نالت استحسان المتابعين طلبت منها إعداد أطباق أخرى معها فأعدت السليق ومن ثم الشكشوكة. نالت هذه الأطباق استحسان المتابعين من مختلف الدول، فنصحتها صديقتها المغربية أن تفتتح قناة خاصة بها لأن أغلب الشعوب العربية وشعوب العالم لا يملكون أدنى فكرة عن الثقافة والتقاليد السعودية بما فيهم المطبخ السعودي.
وتشير إيمان أنها بهذه الفكرة أصبحت قادرة على أن تكون سفيرة لبلدها وأن تمثل وطنها بأجمل طريقة ممكنة فأخذت وصفات الطبخ من والدتها ومن عماتها وخالاتها وكبيرات السن ومن الكتب القديمة ومن أي شخص يعرف الوصفة الأصلية والشعبية لأي طبق من المطبخ السعودي، وأصبحت تصور تلك الأطباق وتنشرها في اليوتيوب ووجدت تفاعلا كبيرا وفي خلال شهرين أصبح لديها 16 ألف متابع.
وتضيف إيمان أنها توقفت عن نشر الفيديو عبر اليوتيوب وذلك بسبب إنجابها لثلاثة أطفال وقيامها بواجبات الأمومة على أكمل وجه، وعند انتقالها لمدينة الرياض في عام 2014م عادت إلى قناتها لتنشر مقاطع الفيديو الخاصة بالمطبخ السعودي والتي كانت تتحدث فيها باللغة الإنجليزية وعندما وجدت مطالبات من المتابعين أن تتحدث باللغة العربية، وسمعت نصيحة شخص قريب لها بأنها يجب أن تعرف وتشتهر محليا حتى تشتهر عالميا، وقتها أصبحت تصور الفيديو مرتين إحداهما باللغة الإنجليزية والأخرى بالعربية، وحينها قفز عدد متابعيها باليوتيوب وبحسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي الإنستقرام، حتى وصلت إلى 100 ألف متابع على قناتها باليوتيوب، وقرابة 300 ألف متابع عبر الإنستغرام، وحينها بدأت تنهال عليها عروض الشركات للتعاون معها في إعداد الأطباق السعودية والبهارات السعودية، حتى قام أحد رجال الأعمال بالتعاون معها لإنشاء قائمة أطعمة لأول مطعم سعودي فاخر شارك في موسم الرياض وسيفتتح أول فرع له في مدينة لندن.
وتؤكد قزاز أنها تجربة تفتخر بها كثيرا حيث قامت بإعداد الأطباق الخاصة بالمطعم بالطريقة السعودية القديمة باستخدام المكونات القديمة، ومن الخضار والفواكه المزروعة محليا والمنتجات المحلية، كما أنها دربت طاقم المطعم على تلك الأطباق مركزة على هدف واحد أن أي شخص يزور المطعم لابد أن يعيش تجربة تذوق مبهرة لا تنسى.
وتؤكد إيمان قزاز أنها كلما تعمقت في التقاليد السعودية وجدت أن الأكل السعودي الشعبي ثري جدا، فكل مدينة لديها أطباقها الخاصة التي تختلف عن المناطق الأخرى من حيث المكونات، والأواني الخاصة.
وتختم إيمان بأنها كلما تعرفت على التراث السعودي زاد شغفها به حتى أنها أصبحت تعود إلى الزمن السعودي الجميل حيث تطهو بالأواني الحجرية في منزلها وتشرب هي وأسرتها من الزير «الجرة» ولا تستخدم الزيوت المهدرجة، وتزرع خضارها في منزلها، وتصنع السمن والزبدة والزبادي، وتطمح إيمان أن تكتب أول كتاب لها، وتفتتح أول مطعم لها في مدينة الرياض.