من أهم العلامات والمؤشرات التي تؤكد على قرب سقوط الأنظمة الديكتاتورية وزوالها، هو حالات الانقسام والاختلاف والتخبط والتوتر والتناقض في الرؤى والمواقف في داخل هذه الأنظمة، وظهور حالة القلق وعدم الثقة على الديكتاتور وتشكيكه بالدوائر والأوساط التي كانت للأمس تسعى بكل جهودها من أجل تجميل وجهه القبيح.
وهذا ما يجري حاليا في النظام الإيراني المعروف في العالم كله بأنه واحد من أكثر الأنظمة الديكتاتورية سوءا في العالم كله، إذ أن هذا النظام وبعد أن ضاقت به السبل وبات محاصرا في زاوية ضيقة جدا وتكاد الأزمة الكبرى التي تواجهه أن تخنقه، فإنه يحاول وعن طريق الانتخابات أن ينجو وينفذ بجلده!.
النظام الإيراني وفي ذروة معاناته من الأزمة العامة التي تتفاقم يوما بعد يوم، ولا يتمكن من معالجتها، فإنه من المثير للسخرية والتهكم أن يسعى وعن طريق مناقض له كنظام وهو الانتخابات أن يعالج أوضاعه ويحد من سرعة سيره باتجاه هاوية ومنحدر السقوط والانهيار، وبطبيعة الحال ليس عن طريق جعل هذه الانتخابات نزيهة وتوفير أجواء حرة لها كما قد يمكن أن يتوقع البعض بل وإن المرشد الأعلى للنظام خامنئي، قد شمر عن ساعديه وتم استبعاد أكثر من 50 من المسجلين كمرشحين لـ 290 مقعدا للمجلس من قبل مجلس صيانة الدستور(الخاضع والتابع له قلبا وقالبا) باعتبارهم غير مؤهلين، وذلك أساسا بحجة عدم الولاء للمرشد الأعلى!، وفي الحقيقة، فإن خامنئي والمؤسسة الخاضعة لسيطرته، مجلس صيانة الدستور، ينتقون المرشحين على أساس ولائهم «الصادق» و «العملي» لخامنئي!.
المشكلة إنه وفي الوقت الذي يسعى فيه خامنئي من أجل مواجهة الأوضاع المتأزمة في نظامه بهكذا أسلوب متمادي في استبداده وإقصائه حتى للبطانة المقربة له والتي تساهم منذ أواسط العقد الأخير من الألفية الماضية ولحد يومنا هذا للمحافظة عليه وعلى نظامه، فإنه قد أظهر استطلاع شبه رسمي أن 83 من الإيرانيين لن يشاركوا في هذه «الانتخابات».
والملفت للنظر إنه قد تم مسح وإزالة الاستطلاع على الفور، كما أنه من المهم جدا أن يتم أيضا الأخذ بنظر الاعتبار إن التحركات والنشاطات الاحتجاجية والمضادة للنظام عموما ولهذه الانتخابات خصوصا تتصاعد وإن الشعارات المناهضة للنظام وللانتخابات بشكل خاص صارت تزين الجدران في مختلف الأماكن، وبشكل خاص في العاصمة طهران، ومن أبرزها شعار «لا للانتخابات صوتنا هو إسقاط النظام»، هذا إضافة إلى إن هذه الاحتجاجات والنشاطات المضادة للنظام هي كلها بإشراف وتوجيه منظمة مجاهدي خلق، الخصم والغريم الأقوى والأكبر للنظام، والتي باتت تحظى بمكانة وموقع مميز لدى الأوساط الدولية والإقليمية المختلفة، ناهيك عن إن المجتمع الدولي بنفسه لم يعد يميل لمسايرة هذا النظام وإرضائه بعد أن تبين له بأن الشعب الإيراني ليس يكرهه بل يمقته إلى أبعد حد، ويناضل من أجل إسقاطه، ولذلك فإنه ليس هناك من أية بارقة أمل بالنسبة للنظام من هذه الانتخابات بل وقد تكون آخر انتخابات له.
** **
- علاء كامل شبيب