د. صالح بن سعد اللحيدان
جاء عند العرب وسواهم من أمم شتى أن: (السيد) في أصله من ساد نفسه فساد على غيره بالعقل وشؤدد العدل.. والحكمة.
1- يقال: غلب إذا ساد.
2- ويقال: ساد بلغ الغاية في النجابة العلمية.
3- ويقال: ساد حكم قومه وعشيرته.
4- ويقال: ساد من السيادة وذلك لسيادة النسب.
5- ويقال: تسود وتسيد: إذا ساد عصامياً.
6- ويقال: هذا سيد نسباً إذا عدل وظهرت عليه علامات الورع والعفاف والصدق.
7- ويقال: سادت المرأة إذا صلحت حالها بقوة العقل والعفاف.
وساد يسود يراد يسوس من معه بسياسة الخلق والرأي الصواب وتمام إكرام كل كريم ولو لم يرده أو يميل إليه.
وهذا من تمام كمال العقل وجودة الذهن وقوة العدل، وهذا عين السيادة،
فإن تقريب العقلاء وشرفاء الخلق هو زبدة السيادة حتى ولو لم يرد من ساد ذلك فإن السيد يقرب حتى الكاره له إذا أدرك أنه يصلح في جانب من جوانب الحياة، ويدع الكره جانباً حتى في مواطن السياسة فلعل الكره جاء بسبب قول أو وشايه أو سوء فهم فلقي ذلك قبولاً.
ولعلي أبين على سبيل الاختصار شيئاً عن هذا الوصف فأقول إن الأصل في الإنسان أنه سيد لأن الله تعالى كرَّمه بالعقل والإرادة والحركة وهذه الأمور الثلاثة جعل الله تعالى الإنسان من خلالها مخيراً يفعل أو لا يفعل يتكلم أو لا يتكلم. فمن ذا عقل فطين جيد وذهن صاف وحرية خلقية كان سيداً. ومن لم يكن ذا عقل فطين جيد وذهن صاف وحرية خلقية كان سيداً، ومن لم يكن كذلك كان عبداً لقلبه أو عاطفته أو نفسه، والسيادة الثانية هي في الدعوى دون دليل فقد يدعيها من ليس لها بكفؤ ومع ذلك يظن أنه منها وهي إليه وهو من الخالدين.
والثالثة سيادة التسلط وهي كما في القضاء العام والقضاء الجنائي تسيد الزوج على الزوجة بسب أو إيذاء أو تجريح أو منع لحق، وكذلك تسيد الزوجة تماماً، ومثل هذا تماماً العين بالعلم تسيد رب العمل على العمال فيؤخر رواتبهم مثلاً، أو أن يقرب منهم أو بهم حسب المصلحة على ذوي القدرات العالية.
والسيادة الرابعة وهي التي درسها الطب النفسي لا سيما عند الحديث عن الشيزفرينيا الانفصام، وهذا المرض يصنف على أنه مرض عقلي ما كان وراثياً، فالمريض بهذا النوع لديه أحاسيس وشعور لا إرادي أنه عظيم له ميزات جليلة، فتراه أحياناً في جلسة خاصة وحركات خاصة وكلام خاص يقوم من خلال ذلك بشعور من قد لا يظن إلا أنه هو دون سواه، ولعل أخطر هذا النوع من التسيد هو ما صاحبه الخطأ كالتعدي بالضرب أو الإيذاء البدني لغيره والصراخ وتكسير الأواني.
والفصام أو الانفصام يلاحظ أنه إذا كان وراثياً أنه يبدأ في حين مبكر ما بين سن 13 حتى 18 سنة وما بعدها، ولعل ما توصلت إليه بعد دراسة علمية متطاولة أن الأفكار والأخيلة وما قد يحس به أو يسمعه هي ما تقوده في مراحلها الأخيرة إلى تصديق الأخيلة الذهانية، فهو يتصرف من خلالها، ولعل من علامات ابتداء ذلك ما يلي:
1- يشعر أنه مراقب.
2- يشعر أنه محط النظر.
3- أن هناك من يحيك ضده العداوات.
4- أنه عظيم لكنه لم يعط حقه في ذلك.
5- يشك في من ينظر إليه.
6- لديه جرأة وصلافة في النقد إذا كان كاتباً.
7- يتسم بروح المعاندة السلبية.
وكنت قد بينت شيئاً ذا بال في كتابي حال المتهم في مجلس القضاء فيعاد إليه هناك. والسيادة الخامسة هي سيادة رجحان العقل والتؤدة ورحابة العقل والصبر الواعي الفطن، وهذه اللازمة أخذ بها بعض من سادوا، والسيادة من هذا النوع لا تكون إلا بعد دراسة ودراسة لحياتهم الباكرة وما تأسسوا عليه من طلب المعالي دون رافد من الروافد، وهي سيادة نوعية إن حصلت وفي الدراسات الفيسولوجية الدقيقة لهذا النوع من السيادة وُجد أن حقيقتها وزبدتها أن هذا النوع فقده مقلق لأنه محبوب ومعظم حتى من ألد الأعداء إذا وجد أن له عدواً واحداً على سبيل المثال. والكلام في مثل هذا يحتاج إلى كتاب أو محاضرة تأسيسيه ولا يتسع المقام لمثل هذا..