- في العصر العباسي: أصبحت تعني التهذيب والتعليم معًا، مثال ذلك: «الأدب الكبير والأدب الصغير» لابن المقفع 142هـ.
- في العصور المتأخرة: تطور معنى الأدب ليشمل كل المعارف غير الدينية التي ترقى بالإنسان اجتماعيًا وثقافيًا، كما ورد عند إخوان الصفا في القرن الرابع الهجري، وجميع المعارف دينية وغير دينية كما ظهر عند ابن خلدون 808هـ.
- في العصر الحديث: أصبحت تعني كل ما ينتجه العقل والشعور، ثم أصبح المصطلح يعني: الكلام الإنشائي البليغ الذي يقصد به التأثير في عواطف القراء والسامعين، وكل ما أنتجه البشر مخطوطًا أو مطبوعًا.
ويقول جبور عبد النور في معجمه الأدبي عن الأدب: «فهو في مدلوله الأبعد، انطلاقًا من شيوعه على الألسنة، يتضمن معنى العادات والتقاليد والأعراف المتوارثة والمتحدرة من الأقدمين والمعتبرة، في مضمونها الخلقي نهجًا خاصًا في التعامل مع الناس...». ويضيف قائلاً: «ويستوعب الأدب معظم الفنون الأخرى ويتجاوزها، باستعماله الأصوات، والجرس، وتناغم المقاطع هو موسيقى، وبالتأليف، والتركيب، واللون، وبراعة الأسلوب، هو هندسة معمارية، ورسم ونحت، وهو يحلق بجناحي الفكر متخطيًا الزمان والمكان، ولذلك يعد الأدب أكمل الفنون وأسماها...».
ويمكن القول إن الأدب في العصر الحديث الذي يعني إجادة المنظوم والمنثور على أساليب العرب ومناحيهم، تحديد بات قديمًا عامًا، ولحقه الكثير من التفصيلات في عصر النهضة الحديثة.
والمتأمل لدلالة لفظ الأدب يجد أن أبرز مظاهر تطور دلالة هذا اللفظ هو الرقي الدلالي؛ فقد ارتقت دلالة الكلمة من الدعوة إلى الطعام إلى الخلق الحسن ومن دلالتها على الدعوة إلى الطعام إلى دلالتها على فن راقٍ من فنون الكلام، وأمست صفة الأديب صفة مدح وثناء يفخر فيها من يتصف بها.
ولا شك أن مثل هذه الدراسات الدلالية، تتيح للباحث الوقوف على مرونة اللغة العربية، وتصرفها في المستويين المعجمي والدلالي، مما يبقي لغتنا متطورة قابلة للتجديد، مناهضة لكل الاتهامات لها بالجمود، والدعوات التي تسعى لاستبدالها باللغات الأخرى، فهي لغة العلم والفن والذوق!
المراجع والمصادر
1. أحاديث القصاص، ابن تيمية، تحقيق محمد الصباغ، بيروت، المكتب الإسلامي، 1985م، ط2
2. أساس البلاغة، الزمخشري، تحقيق محمد باسل، بيروت، دار الكتب العلمية، 1998م، ط1
3. تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي، تحقيق على هلالي، الكويت، 1987م، ط2
4. تهذيب اللغة، الأزهري، تحقيق يعقوب عبد النبي، القاهرة، مطابع سجل العرب، د.ت
5. التوليد الدلالي، حسام البهنساوي، القاهرة، مكتبة زهراء الشرق، ط1، 2003م.
6. دلالة الألفاظ، إبراهيم أنيس، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، د.ت
7. ديوان طرفة بن العبد، اعتنى به عبد الرحمن المصطاوي، بيروت: دار المعرفة، 2003م، ط1
8. العصر الجاهلي، شوقي ضيف، القاهرة، دار المعارف، د.ت، ط11
9. العين، الخليل الفراهيدي، تحقيق عبدالحميد هنداوي، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م، ط1
10. لسان العرب، ابن منظور، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1999م، ط3
11. محاولات بناء المعيار الدلالي في الدلالة المعجمية، بدر بن عائد الكلبي، عمان: دار الجنان للنشر والتوزيع، ط1، 2017م.
12. المعجم الأدبي، جبور عبدالنور، بيروت، دار العلم للملايين، د.ت
13. معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة وكامل المهندس، بيروت، مكتبة لبنان، 1984م، ط2
14. المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة، دار الشروق، 2004م، ط4
15. مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق عبدالسلام هارون، بيروت، دار الفكر، د.ت
16. مقدمة ابن خلدون، تحقيق على عبدالواحد وافي، القاهرة، دار نهضة مصر للنشر، 2014م، ط7
17. مقدمة لدراسة علم الدلالة، طالب محمد إسماعيل، عمان، دار كنوز المعرفة، 2011م، ط1
** **
- خلود بنت عبدالله إبراهيم النازل