عرض وتحليل - حمد حميد الرشيدي:
صدر للمصور والكاتب/ خالد محمد العمار كتاب جديد بشكل لافت ومتميز، يجمع بين الصور والنصوص العربية وترجمتها الإنجليزية.. أهداه لبناته (مي وإيمان ونجود وجود)، وقد بدأه بمقدمة أكد من خلالها عشقه وصداقته للقلم والكاميرا منذ صباه حتى بعد تقدمه في العمر، تلك الصداقة التي آثر أن يوثقها في كتاب للذكرى؛ فكان هذا الكتاب الذي عنونه بـ«حرف وضوء» مشيرًا إلى علاقة الكلمة بالحرف، وعلاقة الصورة بالضوء، وهي كما أشار «علاقة جمال وإلهام».
في «حرف وضوء» اجتهد الكاتب كما يقول على أن يكون الكتاب شعلة، ترفع راية الجمال، وتنشر السعادة والأمل والحب والمبادرة والإيجابية في وجه القبح والسلبية.
وقد جمع الكاتب بعض الأفكار التي رأى أننا نحتاج إليها في حياتنا، وعرضها بطريقة موجزة وجديدة، ووفق رؤيته.
وحرص الكاتب - كما يشير في مقدمته التي عنونها بـ»فواصل» - على أن يشبه كتابه إلى حد بعيد «عطلة نهاية الأسبوع» كفاصلة أولى، وحرص على التفاصيل، واستخدم ثلاث لغات، هي العربية والإنجليزية لأجل القارئ الأجنبي، أما الثالثة فأشار إلى أنه سيتركها للقارئ؛ كي يكتشفها بنفسه، وهي (لغة الصورة).
وبيّن الكاتب أن صور هذا الكتاب التقطها في رحلاته التي تجاوزت 350 ألف كيلومتر, مشيرًا إلى أن وراء كل صورة حكاية خاصة، ومطاردة، ولحظة لم تتكرر, وجمالاً ومعنى عميقًا، ولم تكن للتسلية.
ويبدأ الكاتب رحلة الكتاب من صحراء المملكة العربية السعودية التي شهدت مولده وطفولته وشبابه وذكرياته, وارتبط بها؛ فهي أرض المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ومنبع الوحي والإسلام والسلام.
وفي صورة أخرى يشير إلى أن للكاميرا فلسفة خاصة، يتقدمها الجمال الذي ملأ كيانه.
ويمضي الكتاب متضمنًا عناوين عدة، وكلمات تعبر عن مغزى الصورة الملتقطَة، مثل صورة ملتقطة لأب يطالع الأفق الممتد أمامه، ويسأل «هل تعرف أحلام والديك؟».
ويكمل مبينًا أننا عندما نحقق حلمًا من أحلامنا تكون سعادتنا لا توصف.
ومن الأب إلى الأبناء إذ يعلق مخاطبًا الأبناء: يا بني، لا تشمت بضعيف أو مريض أو فقير أو مبتلى؛ فالشماتة أقرب طريق إلى الضعف.
ولا ينسى الكاتب الصلاة؛ فهي الراحة التي كان يبتغيها المصطفى - عليه الصلاة والسلام - عندما يخاطب بلال قائلاً: «أرحنا بها يا بلال».
وينطلق الكاتب والمصور إلى السعادة فيبيّن مغزاها وأهميتها عبر الكلمات والصور، ويبيّن كذلك أن مثلث السعادة الحقيقية أضلاعه هي التماس رضا الله ورضا الوالدين والاجتهاد في الدراسة أو العمل.
ويكشف لنا عن أسباب سعادة شخص، وقف ليتأمله، ويقرأ أبعاد سعادته، منها نيته الطيبة تجاه الآخرين وتفننه في إسعاد من يحب.
ويأخذنا الكاتب عبر الصورة والكلمة إلى أبعاد كثيرة، منها التصالح مع الذات والأخطاء, وعدم التكبُّر على الناس، ومواصفات النجاح، والثقة بالنفس، والبساطة كونها منهج حياة, إضافة إلى التميز وكيف ننظر إليه ونحققه؟
ويمضي بنا الكتاب أيضًا إلى تساؤلات مثل: ما هو عذرك لكي تنجح أو تتقدم؟ وكيف تعرف طريقك؟ وكيف تدير طاقتك والربح في الخسارة؟ ويحضنا على ألا نقع في أسر الحزن والذكريات الحزينة.
ويطلق على الوحدة صفة مدرسة؛ ففيها نتعلم ما لا نتعلمه في مكان آخر، ونتعلم كيف نرى الجمال؟
ويشير إلى أن على القارئ أن يتعلم كيف يداوي جروح الحياة بالابتسامة؟ ويدعونا إلى الصراخ؛ لنفشي أسرارنا، وأن نقترب ممن يشجعوننا ويقدروننا، ونبتعد عن المحبطين.
ويموج الكتاب بصور وعناوين كثيرة, وحكايات مثيرة للعِبر، ودعوة للجمال وحمد الله.. إلى آخره.
وكما بدأ الكاتب كتابه من صحراء المملكة ينهي رحلته أيضًا من هذه الصحراء؛ فهي المنطلق والحبيبة التي يشعر بالسكينة والاطمئنان والأمان وهو بين أحضانها.
الكتاب يقع في 150 صفحة من القطع الكبير، ويحمل سيرة شخصية للكاتب خالد بن محمد العمار, وهو رجل أعمال سعودي، صديق للقلم والكاميرا, له غير هذا الكتاب عدد من الكتب، منها: نقوش في جدران الثلاثين، ثلاثون سرًّا من أسرار المتميزين، والقهوة العربية، والبشت، والمسباح.