رمضان جريدي العنزي
نعيش هذه الأيام أجواءً باردةً جداً وعنيفةً، تتجمَّد المياه فيها في بعض الأماكن والمناطق، وتنفق بعض الماشية، قسوة البرد هذه الأيام توجب علينا أن نشعر بكثافة، ونفكر بعمق بحال رعاة الإبل والغنم فهم يعيشون في فضاء مفتوح، يقاسون من خلاله سطوة البرد ولسعاته، وبرودة الماء العالية وتجمده، لهذا يجب علينا إحياء الإيثار والحس الإنساني الذي في داخلنا، نهرع لمنحهم العناية الفائقة، ونعمل على رفع معاناتهم، ونهتم بهم بشدة، خوفاً من معرة الإثم بما يلحقهم من التقصير في حقهم، علينا أن ندنو منهم ونقترب، علينا أن نملأ قلوبهم سروراً، ونبعث في نفوسهم راحة وحبورا، نعتني بهم، ونسد حاجاتهم، كونهم من أصحاب الدخول المحدودة، ورواتبهم متدنية، نظير أعمالهم المتعبة والشاقة والطويلة، والظروف المناخية القاسية التي يعيشون فيها، عطفاً على كونهم مغتربين يعولون في بلدانهم الأصلية أسراً محتاجة وفقيرة ومتطلباتها كثيرة. إن رعايتهم وتفقدهم والاهتمام بهم يحقق التكافل الاجتماعي الذي أوصانا به ديننا الحنيف، إنه النهج الإسلامي المميز الذي حثنا عليه منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، أن التكافل الاجتماعي يقوم على ركيزة أساسية تتمثَّل في العمل على إعانة الناس والإنفاق عليهم وضمان حياة كريمة لهم، وهو دعامة مهمة في بناء وتنمية المجتمع، وتحقيق تماسكه وتجانسه الاجتماعي، إضافة إلى أنه ممارسة إنسانية مرتبطة بمعاني الخير والعمل الصالح، وهذا يحقق التوجيه النبوي: (المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً)، إن إغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج، وسد حاجة المعوز، وتفريج كربات الناس، ودفع الضرر عنهم، من أعظم القربات عند الله، وباب عظيم من أبواب الخير، وطريق للفلاح والنجاح والجنة. إن التكافل الاجتماعي ليس مقصوراً على النفع المادي فقط، وإن كان ركناً أساسياً فيه، بل يتجاوزه إلى جميع حاجات الناس أفراداً وجماعات، مواطنين ومقيمين. إن شيوع ثقافة التطوع في هذا المجال الإنساني الخيري يحقق مشروع التكافل الاجتماعي ويرتقي به. إن للإسلام منهجاً فريداً ومتميزاً في رعاية المحتاجين أياً كانوا دون تميز ودون تفرقة. إننا بتفعيل القيم النبيلة، والمعاملات الإنسانية الراقية، والأخلاق الكريمة، ونشر منهج التكافل والتعاطف والتراحم، سنعيش أرقى حياة، وأنبل مسيرة، وسيحسن إلينا الله كثيراً كما أحسنا للآخرين.