د. محمد عبدالله الخازم
أحد أهم فقرات نظام التعليم الجامعي الجديد هو دفع الجامعات لاستثمار مواردها المختلفة لتحقيق نوع من الدخل المالي الذي يساعدها على الاستقلالية، والمؤشرات غالبيتها تشير إلى أن جامعة الملك سعود ستكون إحدى الثلاث جامعات التي ستطبق النظام الجديد لهذا العام. وفي مجال تطوير الموارد الذاتية للجامعات طرحت في كتابي «جامعة 2030» نموذجاً اقتصادياً مقترحا للجامعات مكوناته إعادة هيكلة الدعم الحكومي للجامعات ليكون على شكل منح دراسية ودعم للمشاريع وشراء خدمات وغير ذلك، وتأسيس المؤسسات غير الربحية والأوقاف وأخيراً تأسيس الشركات التجارية تحت مظلة شركة قابضة للجامعة.
ملعب جامعة الملك سعود الذي تم تأجيره على إحدى الشركات لصالح أحد الأندية سينتهي عقده وكنت أتوقع أن الجامعة تعلمت من تلك التجربة وبأنها ستغير سلوكها الاستثماري بناء على معطيات النظام الجديد والتوجهات الحديثة التي طالبنا بها ونتوقع بأن النظام الجديد سيتبناها. تحديداً كنت أتوقع أنهم أدركوا قيمة الملعب خلال الفترة الماضية وسيلتفتون إلى فكرة تأسيس شركة الجامعة وليكون الملعب أحد مشاريعها الأولى. فبدلاً من تأجيره وكأنه مجرد مجمع عقاري أوكشك قهوة تتولى الجامعة إدارته واستثماره بشكل أفضل والبدء في تأسيس خبرتها في الاستثمار الرياضي.
فكرة شركة الجامعة القابضة التي اقترحناها قد يتبعها شركات متعددة؛ شركة طبية لإدارة الخدمات الصحية وشركة رياضية لإدارة الخدمات والمنشآت الرياضية وشركة مرافق أو خدمات عامة لإدارة أمور الصيانة والمرافق العامة كمحلات القهوة والمطاعم والمحلات التجارية وغيرها.
البعض يرى الجامعة ليس لديها الخبرة وهذا يدعونا لاقتراح عدم تأجير الملعب واعتباره النموذج التطبيقي والتجريبي الذي تديره شركة جديدة للجامعة، وهي الزاخرة بالخبرات. خيار آخر في حال عدم جاهزية الجامعة لبدء شركتها التشغيلية أقترح تحديد عقد إيجاره على شركة خارجية بعام واحد وخلال هذا العام يشمل العقد إشراك الجامعة في تفاصيل العمل كان يشترط توظيف 20% من كوادر المشروع من جامعة الملك سعود ليقودوا لاحقاً مسؤولية العمل في شركة الجامعة.
بعد النقاش التجاري، هناك أسئلة أكاديمية مهمة يفترض أن تسبق الاستثمار. بعد تأسيس الجامعات ملاعبها يفترض أن يكون لدينا دوري قوي للجامعات، أين هو؟ هل فعلاً الجامعة وطلابها ليسوا بحاجة للملعب الذي تم تأسيسه لغرض خدمة طلاب ومنسوبي الجامعة؟ هل معنى ذلك أن الجامعة لن تتمكن من استضافة دوريات جامعية محلية وعالمية بسبب عدم توفر ملعب جاهز لديها؟ أيهما أهم الحصول على مبالغ مقطوعة عن طريق تأجيره للأندية أم تنمية الرياضة الجامعية ومنح الجامعة شرف استضافة بطولات سعودية وخليجية وإقليمية للجامعات؟ لدينا أكثر من 30 جامعة وبوجود دوري للجامعات ستحتاج الجامعة ملاعبها لهذا الأمر، فلماذا تفرط فيها؟
أخيراً، بالنسبة للأندية فإن لجوءها لملاعب الجامعات سيعيق حماسها ودعمها لتطوير ملاعبها وتحسينها لتكون مناسبة للعب عليها، ومهمة هيئة الرياضة التوضيح؛ ماهي إستراتيجية الاستثمار الرياضي لديها ولدى الأندية؟ لماذا لا تحفز مشاريع الأندية بما فيها مشاريع تطوير ملاعبها الحالية أو أخرى جديدة؟ لماذا تنازلت عن أفكار سابقة طرحت في هذا المجال؟