فهد بن جليد
كيف يصبح المُستهلكون الأقل دخلاً أكثر إنفاقاً على المدى البعيد دون أن يشعرون؟ مُعظمهم يخدعون أنفسهم طوال الوقت بمُطاردة (السلع الأرخص) ثمناً، والأقل جودة -التي لا تدوم كثيراً- اعتقاداً بأنَّهم يوفرون مالياً، بينما الحقيقة أنَّهم يضطرون لتكرار الشراء مرَّة أخرى بعد مُدَّة قصيرة من الزمن، بعكس فكرة الحصول على (السلع الجيِّدة) حتى لو ارتفع ثمنها قليلاً، مُقابل استخدامها واستهلاكها مُدَّة أطول، وبالتالي توفير فرق السعر الذي قد ندفعه على دفعتين أو ثلاث في سلع ذات الجودة الأقل، أجدُ نفسي ميَّالاً لفهم وتطبيق المثل الهندي أعلاه، والذي يقول غشني في الثمن- أي لا تقدم لي خصماً أو بالغ في السعر- ولكن حاذر أن تقدم لي (سلعة سيئة) ومغشوشة، فهذا يعني أنَّ باب الدفع من جديد سيبقى مفتوحاً.
محلات (أبو ريالين، وأبو خمسة) الاستهلاكية وغيرها من محلات التخفيضات الوهمية، أُشبعت طرحاً على مدى سنوات، ودار حولها حديث ونقاش طويل وعريض ولم يتغير شيئاً، فهي مستمرة في بيع السلع الاستهلاكية الرديئة للمطبخ والبيت والمدرسة والمكتب وكل شيء يمكنك تخيله ولا أحد يُحرِّك ساكناً، وكأنَّ هناك قناعة ترسَّخت في ذهنية المُستهلك البسيط بأنَّ أصحاب هذه المحالات (أجاويد ومن زمن الطيبين) الذين يُراعون الناس في الأسعار، وما زلتُ أذكر حديث مسؤول (صيني) عندما قال قبل عدة سنوات في الغرفة التجارية: إنَّ المستوردين من التجار السعوديين هم الذين يبحثون عن السلع ذات الجودة الأقل حتى يكسبوا أكثر، وإلاَّ فالمصانع الصينية تقدم درجات متفاوتة وعالية من الجودة المُعترف بها في أمريكا وأوروبا، ولكل (سلعة) سعر.
أول طُرق التوفير -برأيي-أن تُعوِّد نفسك على شراء (السلع الأصلية) حتى لو ارتفع ثمنها قليلاً، فهذا يعني أنَّك استثمرت في مُدَّة الاستهلاك الأطول، وفزت بالشعور بالثقة أمام الآخرين، وحصلت على الجودة المطلوبة، بينما الإصرار على شراء (السلع الرخيصة) ذات الجودة الأقل، سيجعلك أمام اختبار مُفاجئ، وخسارة مُحتملة ومتوقعة في أي وقت.
وعلى دروب الخير نلتقي