أحمد المغلوث
حينما اقتربت السيارة من مشارف الأحساء وبالقرب من منطقة العضيلية بالمبرز.. بدأت أضواء احتراق الغاز تلوح في الأفق ناشرة نورًا باهتًا مصحوبًا بهباب الدخان الذي كان يتلاشى في سماء المنطقة المحيطة بالطريق.. وعلى أنغام الموسيقى المنبعثة من مسجل السيارة.. شعر بيده الصغيرة تربت على كتفه من الخلف.. التفت إليه فإذا به يقول له جدي: ممكن أعرف قصة اكتشاف البترول في المملكة.. شعر بسعادة كبرى لسؤال حفيده الصغير.. بل شعر أنه بهذا السؤال أعاده إلى الماضي عندما كان في مثل عمره تقريبًا عندما راح يسأل والده -رحمه الله- عمّا كان يسمعه من أحاديث مختلفة في مجلس عمه العامر بالعديد من رجال المدينة؛ نعم إنه يتذكر الآن كيف كان حال المجلس في تلك اللحظات.. وهم يستمعون عبر إذاعة لندن حديثًا عن (النفط) وأهميته وكيف بات النفط يشكل العصب المحرك للطاقة في مختلف دول العالم.. بل إن من أسباب اهتمام الدول الكبرى باستعمار الدول الأخرى في الشرق والغرب في الشمال والجنوب هو هذا السائل الأسود الثمين الذي أطلق عليه البعض الذهب الأسود..؟! إنه يذكر جيدًا بعض ما جاء في هذا الحديث العجيب والمثير بالنسبة لعقليته الطفولية ولولا أن والده راح يشرح له بعض الجوانب التي لم يفهمها من كلمات وعبارات لما استطاع أن يستوعب ما كان يدور حوله من أحاديث وتعليقات بعد حديث الإذاعة المثير والعجيب. نعم إنه عرف لحظتها بأن النفط هو دم الحضارة وبدونه تتوقف الحياة في مختلف دول العالم ووجوده والبحث عنه مهم جدًا.. ومن يملك النفط يملك المال.. فلا عجب بعد هذا أن تسعى الدول إلى بذل كل جهودها وتسخر كل إمكاناتها من أجل سواد عيون هذا السائل الأسود..؟ انشرحت أساريره وظهرت السعادة جلية في عيني حفيده الصغير هذا التساؤل الطفولي يثير في نفسه شجون وذكريات الماضي وقال وهو ما زال ممسكًا بيد حفيده الصغير حكاية النفط يا ولدي حكاية طويلة.؟! هذه «إطلالة» بسيطة على ماكتبته في بداية روايتي «أرض النفط» المنشورة قبل عشر سنوات واليوم أشعر بفرح يغمر قلبي وقلب كل مواطن وهو يتابع الأخبار السارة التي تشير إلى «طفرة الغاز» والاستعداد لتصديره.. فها هي المملكة تدشن عصرًا جديدًا بتريليونات حقل «الجافورة» الذي يقع جنوب الأحساء.. لقد بارك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس اللجنة العليا للمواد الهيدروكربنية. جهود الشركة الوطنية «أرامكو السعودية» لتطويرها هذا الحقل العملاق الذي يعد أكبر حقل للغاز لا في المملكة فحسب وإنما في العالم.. وبفضل الله وفي هذا العهد الزاهر بالخير والعطاء. نسمع ما بين يوم وآخر أخبارًا سارة تشرح الصدور. وتبث السعادة والحبور في النفوس.. وإلى جانب هذا كله ينعم وطننا ولله الحمد بالأمن والاستقرار.والإنجازات. في ظل قيادة حكيمة. تسعى إلى تحقيق كل ما من شأنه يحقق رؤية الوطن 2030 بإذن الله وتوفيقه..