عبده الأسمري
بين الإرادة والإدارة أوجد شأنه ووسط الريادة والقيادة كتب متونه.. سليل معارف.. وأصيل مشارف.. قضى عمره بين محطات «الانتشار» و«منصات» الاعتبار.. كرجل دولة وعقل مرحلة.. بنى أفعال «الماضي» على فتح «العصامية» فكان الفاعل الحاضر في نماء الأثر والضمير المتصل في بناء «التُأثير».
أنه وزير الدولة السابق والأكاديمي المعروف الأستاذ الدكتور مدني علاقي أحد أبرز الأٍسماء الوطنية في الحقل الأكاديمي والوزاري. بوجه مألوف تحفه علامات «الحنكة» وتملأه استعلامات «الحكمة» وعينان تمتلئان بالإنصات والإثبات وتقاسيم جنوبية ساحلية تسكنها معاني «الجد» وتبروزها معالم «الود» مع طلة وطنية تعتمر «البياض» تستند على قوام متوسط وهندام «أنيق» يرتدي «الزهاء» وتشكيل شخصي مرسوم بإتقان مع كاريزما «هادئة» تنبع بالفكر وتشع بالعطاء وصوت جهوري خليط من اللهجة الوطنية البيضاء ومفردات مهنية فاخرة المعنى تكاد ترى بالعين قوامها «النضج» ومقامها «الفصحى». قضى علاقي من عمره عقوداً وهو يكمل «عقد» الإنجاز بلآلئ المحاضرات وجواهر الخطط ويملأ قاعات الجامعات بأفكار التخصص ويكمل فراغات «الأهداف» باقتدار المعرفة.
في جازان الشهيرة بولادة الأدباء والفقهاء ولد وتفتحت عيناه على «أب مسؤول» و«أم نبيلة» وتعتّقت أنفاسه بروائح «الفل» والكادي وامتلأ قلبه بأهازيج البحر، واستعمرت وجدانه «أصول النبل» بين مرابع عشيرته وفصول «الفضل» بين ثنايا سريرته التي ترسّخت فيها أركان «التواصل» وتوطّدت بها أسس «التكافل».. ونشأ في ظلال «الأدب» وتحت «ظل» الثقافة حيث اعتمرت ذاكرته «الصغيرة» مناظر الشعراء والمؤرخين والمثقفين وهم يمطرون «الليل» نثراً ويملئون «المساء» شعراً في «صالون» والده الأدبي الذي كان «الأكاديمية» الأولى التي أِشعلت في وجدانه «ضياء» التعلم و«وميض» الرقي.
ركض علاقي طفلاً في قرى محافظة صبيا بين تفاصيل التاريخ وتضاريس الجغرافيا متأملاً حكايات «الأجداد» قرب قصور «الأدارسة»؛ مراقباً وقائع «الجود» وسط منازل «الطيبين» فجال صغيراً مع أقرانه مشفوعاً بتربية علمته «الدافعية» سرا و«الإنسانية» جهراً وتربى بين أم وزوجتي أب وإخوة تجاوزوا مقدار «الأشقاء» في ميزان «الألفة والتالف».. متلحفاً مزايا أبويه حولت الأسرة متعددة الأطراف والأعمار إلى «فريق عائلي» يستورد المطالب ويصدر الحنان تحت لواء «أسري» كان «خلطة» الامتنان الأولى التي جعلته يكتب «أمنيات» العمر على شواطئ قريته وعلى كشكول مدرسته ونقش «حروفه» الأولى على «سبورة» عتيقة في فصله الدراسي بقريته التي احتضنت صخورها «ذكريات الطفولة» المكتوبة بـ«طباشير» العلم «وتباشير» الحلم؛ ليعلن أولى «ملاحم» اليقين من أرض «المخلاف السليماني» لتشع في أرجاء الوطن في مراحل لاحقة ربطت الإصرار بالاقتدار في سجلات الشرف ومساجلات التشريف.
في جازان تلقى تعليمه الأول حتى الصف الثاني متوسط وكان فصله الصغير مكاناً للانسجام وموقعاً للاستجمام كونهم «جيران» البحر في مدينة تفترش «البساطة» وتلتحف «الإبداع» وتعلم وسط جيل تفتّقت أذهانهم على حب «العلوم» وتشرّبت أرواحهم عشق «المعالي».
رحل إلى مكة وهو ابن الرابعة عشر عاماً طالباً العلم ومطالباً بالحلم رافعاً «راية» الطموح، مترافعاً أمام «هواية» المطامح.. قاطفاً «ثمار» العلا من «استثمار» الذات.. مولياً قبلة «آماله» نحو «السكينة»، موجهاً بوصلة «أحلامه» حيث الشموخ. وأكمل فيها «مكة» تعليمه الثانوي ثم سافر إلى «مصر»؛ حيث نال بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1384هـ، وعاد لأرض الوطن؛ ثم ابتعثته جامعة الملك عبدالعزيز لدراسة الماجستير من «أريزونا» بأمريكا سنة 1388هـ ثم حصد الدكتوراه من نفس الجامعة، وعمل في عدة مهام أكاديمية حتى وصل لدرجة أستاذ لكرسي إدارة الأعمال بالجامعة ثم تدرج في وظائف قيادية حتى شغل منصب وكيل الجامعة للدراسات العليا ثم صدر الأمر الملكي عام 1416 بتعيينه وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء.. واستمر في منصبه ثماني سنوات؛ كان خلالها «سديد الرأي» و«عضيد الرؤى». لديه العديد من المؤلفات والبحوث في مجال الإدارة.
ارتبط علاقي بعلاقة وثيقة مع مراحل «طفولته» ومحافل «حياته»، ورسم خارطة الأماكن في قلبه بمداد «الانتماء» وطبع عناوين الفرح في روحه بسداد الوفاء.. فكان «الابن البار» للوطن و«الوزير السار» للدولة. سيرة مضيئة أينما تقلب صفحاتها.. تجد الإضاءات ساطعة والإمضاءات يانعة.. لشخصية ارتدت رداء «الفكر» ووزعت «غنائم» الخبرة فكان «الخبير المتوج» في مواقع «الثقة»، والاسم الأنموذج في قائمة «التوثيق».
مدني عبدالقادر علاقي رصيد معرفي زاهر ومغنم بشري باهر في قوائم «النبلاء»وقامات «الأوفياء».