فهد بن جليد
استخدام (النبرة المرتفعة) لإسكات الأطفال خطأ شائع يجب التوقف عنه، قبل أن نجني عواقبه -دون أن نعلم- بتنشئة الصغار على الصراخ الذي ينتج عنه الخوف، وعدم الثقة بالنفس، ونقص التركيز حتى في الكبر، وتنمية العدوانية والصراخ على الأطفال الآخرين، فالواجب أن تطلب من الصغير أن يسكت أو يجلس في مكانه بنبرة طبيعية منخفضة وبهدوء تام، وتمنحه الوقت الكاف لاستيعاب ما تقول وتنفيذه، حتى لا يتعود على (الزعيق، والصراخ) والتكرار ويربطه بتنفيذ الأوامر، وبالتالي يكون الحديث بصوت هادئ ومنخفض -بلا أهمية أو معنى بالنسبة له- لأنَّ الأمر المهم سيرتبط حتماً بالصوت المُرتفع، كما تعوَّد في الصغر.
في أول زيارة لي للصين، استغربت من الحوار بالصراخ في السوق كثقافة سائدة، وتحدث البائع معي بطريقة غريبة ونبرة عالية عبر إخراج بعض الحروف من داخل الجوف بشكل ثقيل جداً، مع إغماض العينين، لترتجف الشفتان بعبارة (نيخا) أولاً، قبل أن يُسمعني عبارات على طريقة (نيآآ تي، نون، كو) لأعتقد أنَّه مُتضايق أو مُتذمر، بينما اكتشفت أنه سيمنحني خصماً جيداً، ولكنَّ (نبرة الصوت) كانت تدل على شيء مُغاير ومُختلف بالنسبة لي.
نبرة صوت العرب المرتفعة أثناء حواراتهم خصوصاً عند لقاء الأصدقاء المفاجئ أو عند دفع الحساب أو الاندماج بسرد قصة ما، كانت (مادة دسمة) للخواجات من خلال مسارح (ستاند أب كوميدي) على طريقة (لا تخف ولا تقلق عندما يصرخ عربي في وجهك)، فربما أراد أن يعبر لك عن مشاعره وترحيبه ودعوتك على العشاء، لكنَّه أخطأ الطريق الصحيح، ربما أنَّ بينا بالفعل من يحتاج تسجيل صوته أثناء الحديث، ويُعيد الاستماع إليه لفهم الأمر.
وعلى دروب الخير نلتقي.