رمضان جريدي العنزي
الحب من أرقى المعاملات الإنسانية، وبحر متلاطم من العواطف الجياشة، يحدها شواطئ العقل والاتزان، ولا قيمة ولا معنى للحياة بدونه؛ فالحب من أسمى المعاني، وأرق المشاعر، وأنبل الأحاسيس.. فالحياة بلا حب مثل الصحاري المقفرة التي بلا شجر ولا ماء. والحب جمال وسمو، وعالم مغاير، ووابل مطر، وشجرة زاهية، وماء زلال، وجدول عبير وغدير، وعصفور صغير ورابية. والحب مشاعر إيجابية، وحالات عاطفية، وحالات عقلية متزنة، وأحاسيس فارهة.. تغريد طير في سَحَر، قصيدة فارهة، حقل فاكهة، روض بنفسج، ولحن وتر. الحب مثل الغيث؛ يجعل اليابسة يانعة، والصفرة خضرة، والرماد بياض. والحب مبتغى النفوس السامية، والقلوب الطاهرة، يسمو بهما، ويحلق بهما نحو فضاءات السعادة والحبور، عكس البغض الذي يشبه الظلام، ويحيل النفس والقلب إلى سواد معتم. إن أصحاب القلوب المحبة بيضاء تتجلى في أعمالهم ومواقفهم النبيلة، وما يقدمون للناس والحياة من عطاءات كثيفة، لا يعرفون الضجيج والعجيج، لا يعترضون ولا يحتجون، لا ينتقمون ولا يحقدون، لا يلمزون ولا يهمزون، ولا يمشون بالغيبة والنميمة.. نفوسهم ساكنة، وأرواحهم طاهرة، ينتصرون للحق والقيم الإنسانية، ويتخطون التقليدية فيما يقدمون عليه من مبادرات وممارسات. إنه الحب الذي اشتعل في قلوبهم؛ لهذا نجدهم يصنعون الأعاجيب والملاحم في مجال الإنسان والحياة، ويقتحمون أسوار المعجزات؛ ليضيفوا للحياة، ويعطوا الإنسان مفاتيح الخير والإحسان والعمران، ويبتعدوا كثيرًا عن الوجل والدجل.. ينكرون الذات، ولا يسكنون شرنقات الأنا الفظيعة، ويعيشون الموضوعية والعقلانية.. ما عندهم عدوانية، ولا يتعاملون بالدونية، ويمقتون الجمود والأحادية، ومسارات الجحود والنكران. إنهم الصفوة، عقولهم راجحة، ونفوسهم صافية، وضمائرهم نقية. إن قلوب الحب بيضاء شفافة ناصعة، تنبض بالود والأناقة والحيوية.. بينما قلوب البغض قدت من حجر، فيها القسوة والسواد والصلافة، وتنبض بالحقد واللؤم والفساد.. حياتهم عذاب، ومعاناتهم مريرة، ويعيشون الأكاذيب والأراجيف الكثيرة.. فيا أيها الناس: اعلموا أن الحياة قصيرة سريعة، وآنية، وليست باقية دائمة؛ لهذا عيشوا الحب والسلام والود والوئام، وانبذوا الكره والبغض والصد والهجر والخصام.