فهد بن جليد
قريباً ستحظى الثقافة باعتراف وقناعة مُجتمعية بأنَّها تخصص ومهنة (تأكل عيش) بكل قطاعاتها الفنية والإبداعية، وربما شجَّعَ وحفَّزَ الآباء أبناءهم الموهوبين للانخراط والانضمام إلى كوكبة وقافلة المُبدعين بذات الحماس الذي يتم لأي قطاع أو تخصص ناجح، بعد (سنوات عجاف) ساد فيها المثل العربي الدارج على لسان كل فنان ومبدع عربي بأنَّ (الفن ما يأكل عيش)، ما يبعث على هذا التفاؤل هو النقلة النوعية الكبيرة التي أحدثتها وزارة الثقافة في صناعة المشهد الثقافي السعودي، انظر إلى من يرأس الهيئات الجديدة المعنية والمسؤولة عن إدارة القطاع الثقافي السعودي هم المثقفون الحقيقيون المعنيون بكل قطاع، والذين يملكون بالفعل الأدوات والخبرات اللازمة لإحداث التطوير المُرتقب، ومعرفة الاحتياج الحقيقي لكل هيئة والمُشتغلين في فرعها الثقافي الذي تختصُّ به، من مُثقفين ومُمارسين وهواة ومُهتمين ومن جمهور ومُتذوقين أيضاً، ما يضمن إعادة الهيكلة والبناء الثقافي الشامل، على أسس وقواعد متينة تخلق بيئة ثقافية مُستقرة، وتفتح نوافذ ومنصات جديدة يتكئ عليها القطاع، ويُطل من خلالها أهله.
الوزارة وضعت أسس لعلاقة نموذجية واضحة مُنذ البداية مع الهيئات الجديدة، بحيث تكون علاقة إشرافية تلتزم من خلالها الهيئات الجديدة بالارتقاء بالثقافة لتُصبح نمط حياة، وتُسهم في النمو الاقتصادي، وتُعزِّز من مكانة المملكة دولياً، وهي الأهداف الرئيسة التي حددتها وثيقة رؤية وتوجهات الوزارة وفق رؤية المملكة، بحيث تتمتع هذه الهيئات باستقلالية إدارية ومالية كاملة، ما يعني أنَّ التطور والنمو وإعادة الهيكلة والتأسيس الصحيح سيضمن أعلى مستويات الجودة والفعالية، وفق علاقة طبيعية إشرافية تنظيمية تربط الهيئات بالوزارة -في ظني- أنَّ هذا المناخ النموذجي هو ما يبحث عنه أي مُثقف، بحيث يتمتع المثقفون وهيئتهم بالصلاحيات الكاملة لبناء القطاع وتنظيمه على يد المُشتغلين والمُختصين أنفسهم.
الثقافة تقوم اليوم بدور وطني ومجتمعي أشمل من دور الوزارة، باقترابها أكثر من المثقفين بمختلف تخصصاتهم كداعم أول لهم، باختصارها الزمن وتحقيق قفزات ووثبات ثقافية كبيرة على مُختلف المجالات والأصعدة في المشهد الثقافي السعودي، بعد أن كان المثقفون والموهوبون والمبدعون يشتكون في وقت سابق من البيروقراطية وتداخل الاختصاصات، الذي وأد أحلاماً وطموحات إبداعية كانت مشاريع ثقافية اختفت عن المشهد، بحثاً عن لقمة العيش.
وعلى دروب الخير نلتقي.