مها محمد الشريف
بدأت سلسلة اتهامات الأوروبيين لقطر بداية من فضيحة الأموال التي قدمتها الحكومة القطرية لبنك «باركليز» في عام 2008 المخالف للقوانين البريطانية، التي تقدر بنحو 12 مليار جنيه استرليني، لكي يتجاوز آثار الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالمصارف البريطانية في ذلك الوقت، بعد أن قام مكتب مكافحة جرائم الاحتيال بتوجيه اتهامات متعلقة بصفقات زيادة رأسمال مصرف باركليز أجراها المصرف مع قطر القابضة و»تشالنجر يونيفرسال»، في يونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول) 2008.
وعلى هذا الأساس استثمرت هذه الثروات لتكون غاية للأوروبيين وهدف، ارغمتهم على الصمت طوال الأعوام الماضية وأعفت القطريين من الضرائب مقابل الاستثمار، وهذا يوصل إلى نقطة حازمة في الواقع وهي بدء التحقيق مع ناصر الخليفي التي تكررت عدة مرات، في قضايا فساد ورشاوى تتعلق بمنح قطر تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى، فقد غرّمته مصر الصيف الفائت بنحو نصف مليار جنيه استرليني بسبب خرق قانون حماية المنافسة، عبر إجبار مشتركي قنوات beIN Sports على استقبال البث عبر قمر سهيل سات بدلاً من نايل سات.
يظهر من الأحداث أن سويسرا وفرنسا وبريطانيا منذ أعوام مضت تتهم قطر، وتتجدد تلك الاتهامات في كل عام دون أحكام صادرة أو تطبيق عقوبات على الأشخاص المدفوعين من نظام قطر في تهم فساد تخص رشى للحصول على حقوق البث من فيفا، وعقود مشبوهة لتسهيل حصول بلادهم على استضافة كأس العالم، فالسؤال هنا: لماذا أصبح الفساد مشتركًا بينهم هل هو بسبب الاستثمار في أوروبا؟، أم أن الخليفي رجل الاستثمارات القطرية في مجال الرياضة، وصاحب منصب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة «بي ان»، كما يرأس نادي باريس سان جرمان المملوك من هيئة قطر للاستثمارات الرياضية منذ عام 2011 وقربه من النظام الحاكم لديه حصانة ضد القانون؟
ولو حُكم الخليفي من أول قضية رفعت ضده لما استطاع السفر إلى أوروبا وفرنسا بالتحديد، وبلا شك تخبرنا هذه الأحداث أن الأوروبيين يغطون فعليًا على فساد القطريين، والمثاليات المزيفة التي صدعوا رؤوسنا بها مجرد سيناريوهات يعاد بثها كل عام، كما أنه على إثر الأمر الوارد بفضائح الفساد في المجال الرياضي التي هزت كرة القدم العالمية واتحادها الدولي منذ عام 2015، وأدت إلى الإطاحة برؤوس كبيرة يتقدمها بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي السابق الفرنسي ميشال بلاتيني، إلا الخليفي بقي عنوانًا لافتًا لكل الاتهامات المنشورة على وسائل الإعلام.
في الوقت نفسه داهمت الشرطة مكاتب شبكة القنوات القطرية في تحقيق حول شرعية العقود التي أبرمتها، وتم مصادرة مستندات وأجهزة كومبيوتر، قبل أن تفتح القضية الأحدث حول شركة أغذية يملكها الخليفي اشترت حقوق بث المناسبات الرياضية، ثم باعتها لشركة أخرى يرأسها الخليفي نفسه بهدف الالتفاف على الأنظمة والقوانين.
وعلى ضوء اتضاح المسار العام لنتائج الغرب وبعض الأوروبيين تحديدًا الذين يغضون الطرف عن مخالفات وتجاوزات كثيرة لمستثمرين أجانب مقابل ضخ المزيد من الأموال بأسواقهم واقتصادهم، وفرنسا مازالت تحقق في ملف الغداء الذي أقامه الرئيس السابق ساركوزي في عام 2010 قبل التصويت بأيام لمنح قطر تنظيم كأس العالم لعام 2020 للقضاء بعد أن فتح الادعاء العام التحقيق القضائي في ملف القضية.
وهكذا تحولت القضايا المرفوعة هنا وهناك لا تعدو أكثر من ذر الرماد في العيون، مع عدم نسيان أنهم أحيانًا ينتظرون لحظة ضعف عند أي مستثمر أجنبي لديه تجاوزات يتجاهلوها لكي يصادروا أمواله بحجة تطبيق القانون الذي كان في حالة سبات عندما كانت المصلحة تتطلب السكوت عن فساد بعض المستثمرين أمثال ناصر الخليفي وحمد بن جاسم والعامل المشترك الوحيد أنهم جميعًا قطريون.