رقية سليمان الهويريني
تتسارع الأحداث دراماتيكيا بعودة عدد من الشباب لأسرهم بعد اختطافهم منذ عدة سنوات عندما كانوا رضّعا، من قبل امرأة واحدة لم تكشف التحقيقات دوافع الخطف ولكنها حسرت النقاب عن مأساة قلوب أدماها الفقد! ونفوس فتتها القهر، فوجع اختطاف جنين من حضن أمه أشد ألما من موته بين يديها!
وبرغم غموض التفاصيل؛ إلا أن الواقع يظهر قضية إنسانية شائكة، ومشكلة اجتماعية معقدة، يعيش أطرافها وضعا إنسانيا صعبا لأنهم سيواجهون أزمة التأقلم والتعايش مع أسرة جديدة، ذوي سحنة غريبة عليهم حتى ولو اشتركوا معهم في التشابه الشكلي والجينات العرقية! وسيقابلون مشكلة ثقافية دقيقة، فكل أسرة لها نظامها وبنيتها وقوانينها الخاصة بها، فضلا عن اجترار ذكريات طفولة الماضي، ومن الطبيعي أن يربط الأولاد داخل العائلة ماض واحد إلا هذا الوافد الجديد الذي قد يتلاشى ماضيه حين يندمج بأسرته الأصلية.
وليست المصيبة الوحيدة حملهم أسماء غير أسمائهم التي اختارها والديهم، وهذه ستبقي وسما في نفوسهم، فضلا عن وجودهم بلا هوية وطنية، وما يترتب عليها بعدم الحصول على التطعيمات الصحية اللازمة، ونيل القسط الكافي من التعليم.
وبرغم صخب اللقاء وضجيج التعارف واحتفالية العودة والتلاقي، إلا إن أنين طفولة هؤلاء الشباب وذكريات أسرتهم السابقة تثير شجونهم بلا شك! فالمرأة التي عاشوا بين يديها هي في نظرهم أم بينما في حكم القانون خاطفة مجرمة! فاللهم الطف بهم وأعنهم على تجاوز الأزمة وساعدهم على تخطي هذه الشدة.
وكيلا لا نبقى متفرجين نلوك الأخبار ونجتر الأحداث؛ فإنه من المحتم قيام إحدى مؤسسات شؤون الأسرة باحتضان هؤلاء الشباب وتأهيلهم اجتماعيا والاستماع لأفكارهم واحتواء ضوائقهم النفسية ومشاركتهم حيرتهم وتخفيف قلقهم.
إننا إزاء مشكلة اجتماعية ينبغي على المسؤولين في هذا المجال التعامل معها بتروٍ وحكمة بالتعاون مع بقية أفراد الأسر، حتى يتجاوزها هؤلاء الشباب بلا مآسٍ ولا كدر ولا جراح. فمن حقهم أن يعيشوا استقرار أسريا وأمانا اجتماعيا ليكونوا أفرادا أسوياء ومواطنين فاعلين يرفلون بالسعادة كغيرهم من الشباب الواعد.
أقر الله أعين والديهم بعودتهم، وأمنا وسلاما على أولادنا، أكبادنا التي تمشي على الأرض.