فهد بن جليد
إن كان طفلك قد حاول (لمس) وجهك ليُديره صوبه، حتى تنتبه لما يقول ويُحاول إيصاله إليك أثناء انشغالك بالهاتف أو أي شيء آخر، فعليك الحذر من تكرار ذلك الانشغال عنه مستقبلاً وعدم الإنصات لما يُحاول إيصاله إليك، فهذه واحدة من أخطر مراحل الشعور بعدم الانتباه والإهمال التي لها انعكاس سلبي على علاقتك بالطفل وقد تبقى في ذاكرته لمُدَّة طويلة، ولربما تركت أثرًا غير إيجابي على شخصية الطفل وعلاقته بالآخرين.
الأبحاث العلمية تؤكد أن أثر الألفاظ لذاتها لا يتجاوز الـ7 في المائة من مُجمل التأثير في علاقتنا، وأنَّ اللغة الجسدية غير اللفظية ونبرة الصوت مسؤولة عن نسبة الـ93 في المائة المُتبقية من التأثير- فإذا كان الأمر كذلك- فإن ثمَّة خللاً كبيراً يجب الانتباه له ومُراعاته في علاقتنا بأطفالنا الذين يبدون أكثر مُلاحظة لرسائل اللغة الجسدية، فملامح الوجه، وحدة النظرات، وإيماءات الجسد، والهيئة العامة في اللبس والرائحة وشكل جلوس الأب عند استماعه، ومدى التركيز مع الإنصات لحديث الصغير، أو الهدوء والابتسامة عند الكلام معه، وإشعار الطفل بالأمان والدفء وغيرها، تعني الطفل كثيرًا وهي من الأمور التي يجب على المُحيطين العناية بها ومُلاحظتها، مع تتبع أثر ذلك التغيير في سلوك الطفل أو قيامه بأعمال خاطئة لإثارة البلبلة ولفت الانتباه إليه في المنزل، والأكثر ألمًا هو القيام بمُعاقبة الطفل، واتهامه بأنه مؤذٍ أو مُصاب بفرط الحركة، بينما الحقيقة ببساطة أن المسؤول عن ردة فعل الطفل هذه، هو إهمال الآباء وعدم منح الصغار ما يحتاجون إليه من الاهتمام والتركيز بالإنصات الكامل لما يقولون، والتلطُّف والتفاعل مع المحتوى الذي يُحاولون إرساله وإيصاله للكبار.
ما سبق لا يعني إطلاقًا إغفال أثر الكلمات المؤذية التي تتسبب في اضطراب الطفل وعصبيته ولجوئه للعنف، ولا للأثر الإيجابي كذلك للكلمات اللطيفة والتشجيعية، المُشتغلين في شؤون الأسرة والعلاقة مع الأطفال يغفلون عادة التركيز على (لغة الجسد) وعدم إعطائها الأولوية اللازمة، كونها المُتحكم الأكبر في العلاقة مع الطفل، على الآباء استيعاب أثر ذلك جيدًا في التربية والتنشئة والسلوك.
وعلى دروب الخير نلتقي.