أول الحرف....
كتبت ذات تغريدة «مَن منا يعيش الصورة الكاملة؟ ذلك الجزء المفقود هو ما يجعل الحياة أكثر إثارة ومتعة».
البحث عن المفقود في حياتنا لتكتمل تلك الصورة هو ما يوقد الأمل عندما يعتصر الظلام والوحدة ذلك القلب الذي كلما أمطر من حوله حباً حملت رياح الجفاء ما فيه من بركة، وألقت بها على أرض مجدبة قاحلة، لا روح فيها. ليتضح لهذا القلب بعد حين أن الصورة لن تكتمل، ولكنه بالرغم من كل شيء يمضي في سبيل تحقيق ذلك الكمال المنشود حتى في حلمه.
في خضم محاولاتك لبث السعادة في قلوبهم كنت لا تدرك أنك الكمال لكل من حولك؛ وذلك لأن لا شيء يشير إلى أنهم يعيشون الصورة المكتملة، وأن صمتهم عن الفرح لم يكن إلا خوفهم من أن تخبو هالة نورك لظنهم أن نكرانهم يشعل فيك الرغبة بتقديم أجمل ما لديك أكثر وأكثر. هم لا يعلمون أنهم بذلك يقتلون فيك شعور العطاء والحب والتضحية، ويغرسون في داخلك وجعاً لا يبرأ. في المقابل كنت أنت من يزرع في أرواحهم بساتين ورد حتى ظنوا ألا تعب في هذه الحياة.
ما أبشع النكران عندما يصلك على لسان من ظننت أنه كان يبحث معك عن اكتمال تلك الصورة حتى يكتمل بك أكثر. وما أصدق تلك المواقف التي تُخبرك بأنك الأجمل رغم كل بشاعتهم. الحل لكل هذا هو هجر من تسبب لك بالوجع حتى تستطيع أن تكمل طريقك وأنت متمسك بحلمك أن غداً أجمل بكثير مما تظن، وأن غداً وُجد لك ولكل من أرهقته طرقات السفر في أرض الجحود.
الشغف بالاكتمال لا ينتهي، والبحث عن ذلك الجزء المفقود في حياتك حتى لا يتبقى لك حلم غيره هو حقيقتك على هذه الدنيا. حقيقة كل القلوب الواعية، تلك القلوب التي تعلم أن الوجع الذي يتكرر يُخبرك بأن شدة الألم ونزعه سيكون بعدهما راحة، أن كان في صعود روحك حيث السلام ومغادرة كل أذى، أو في استقرار مشاعرك على أرض تعرف كيف تشرق بك.
في وسط كل هذا لا بد أن نتذكر أن الله لطيف بنا. تمتد مساحات لطفه الخفي في كل حياتنا. يحنو علينا، يعالج حرارة دموعنا ببرد وسلام على قلوبنا في لحظات ظننا أن لا أحد. القوة الحقيقية أن تكون مع الله، بعدها لن تخشى مواجهة الحزن والخذلان والتعب، ولن تمتد لك يد بأذية إلا وكان سبحانه لها.
حارب من أجل حلمك واكتماله. من أجل تلك القطعة المفقودة في أحجية عمرك. تحول إلى فنان، وارسمها على صفحات خيالك، ولا تسمح لغيرك باختيار ألوانها وملامحها. جاهد أن تجد نفسك في غمار بحثك لا في الانهزام والرضا بتلك الصورة الناقصة.
قطعة أخيرة: قاتل فالعمر لا يتكرر مرتين!
** **
- بدرية الشمري (مسافرة)