تلقيت إهداء قيمًا من الأستاذ الفاضل مقبول الزيلعي. وقد أسعدني هذا الإهداء كثيرًا، ليس لأن الأخ الفاضل خصني بباكورة إنتاجه العلمي فحسب، ولكن ما أسعدني حقًّا هو عنوان رسالته حول عنيزة، تلك المدينة التي ظلت مرافقة لي طيلة سنوات عدة أثناء إعداد رسالتي للماجستير, فاحتلت مكانًا أثيرًا في نفسي. فبين يدي رسالة أكاديمية، أحببت أن أستعرضها، قدمها الباحث للعام 1441هـ/ 2019م لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود تحت عنوان «أسر عنيزة في مكة المكرمة وجدة وأدوارها السياسية والاقتصادية خلال المدة 1343هـ - 1924م/ 1373هـ - 1953م» تحت إشراف الأستاذ الدكتور سهيل صابان.
وجاءت الرسالة في ثلاثة فصول ومقدمة وتمهيد. وقد اشتمل التمهيد الحديث على جغرافية منطقة الدراسة، والطرق التجارية الرابطة بينها, إضافة إلى عوامل استقرار أسر عنيزة التجارية في مكة المكرمة وجدة، كالعامل الديني, والعامل التجاري، والعامل السياسي.
وقد تطرق الباحث في الفصل الأول للحديث عن العلاقة التجارية بين عنيزة ومكة المكرمة وجدة، وتناول أبرز الأنشطة التجارية لتجار عنيزة في مكة المكرمة وجدة، والتعاملات التجارية السائدة آنذاك. أما الفصل الثاني الذي هو محور الدراسة فقد خصصه الباحث للحديث عن أسر عنيزة التجارية وبيوت التجارة في مكة المكرمة وجدة، وذكر فيه نماذج من النخب لتلك الأسر التجارية في مكة المكرمة وجدة، ثم تطرق لمكانة تجار عنيزة في مجتمع مكة المكرمة وجدة، وعلاقتهم بالسلطة من جهة، وبالتجار من أهل منطقتَي الدراسة من جهة أخرى.
وفي الفصل الثالث (الأخير) من الدراسة تناول فيه الدور التجاري لأسر عنيزة، سواء في جدة ومكة المكرمة، والأنشطة والمشاريع التجارية الداخلية، والسلع التجارية الصادرة والواردة من وإلى مكة المكرمة وجدة، وأهم المشاريع التجارية خارج منطقتَي الدراسة.
ختامًا، هذه صورة مشرقة، قدمها الباحث مشكورًا، بذل فيها الكثير من الجهد، وتكشف فيه جانبًا مهمًّا للدور التجاري لأسر عنيزة في مكة المكرمة وجدة، بوصفها واحدة من أهم مدن المملكة العربية السعودية.
ولعل رسالة الزيلعي تفتح المجال ليتجه كثير من الباحثين إلى مزيد من هذه الدراسات حول دور الأسر في دعم مسيرة التنمية في المملكة في مختلف مناطق مملكتنا الحبيبة.
** **
- نوير مبارك العميري