شَيْءٌ ما
أقْوَى مِنْ كُلِّ الأشْياءْ
ألْقَى بي حَوْلَ مَدارِكْ
فَفَقَدْتُ مُقاوَمَتِي
وَفَقَدْتُ مُحاوَلَتي..
كي أنْفَكَّ بَعِيْداً عَنْ إغْراءِ مَسارِكْ
***
شَيْءٌ ما يَتَسَلَّلُ في أوْرِدَتي مِثْلَ الشَّلاّلْ
يَتَمَدَّدُ فيها ألْواناً وخَيالْ..
ألواناً قُزْحِيَّهْ
هَمْساتٍ وَرْدِيَّهْ
وَنِداءَ عُيُوْنٍ غَيْبِيَّهْ
تَتَحَدَّى كُلَّ مُحالْ
***
شَيْءٌ ما
أمْرٌ ما يَأْخُذُني
كالمَوْجَةِ في تَيّار،
فَتَذُوْبُ مُعَانَدَتي
وتَضِيْعُ مُكابَرَتي!
كيفَ أُقاوِمُ هذا الإعْصارْ
وكأنّي أتْبَعُ صَوْتَ الأقْدارْ
ولأنْتَ الشَّمْسُ بِعُمْري
وأنا مِنْ حَوْلِكَ ضِمْنَ الأقْمارْ
إشْعاعٌ مِنْ رُوْحِكَ
يَتَمَدَّدُ في الكَوْنِ بَهَاءْ،
يَتَسَرَّبُ في كَأْسي حِسّاً
يَتَلَأْلَأُ في كُلِّ سَمَاءْ..
لا تَسْألْني هَلْ قاوَمْتُ؟
فأنا ما قاوَمْتُ، وحَتَّى ما فَكَّرْتُ
أنْ أهْرُبَ مَرَّهْ
أوْ أتَوارَى خَلْفَ مَجَرَّهْ
يَكْفٍيْنِي أنَّكَ كَوْنِي
تَحْمِيْنِي مِنْ نَزَقِ الهِجْرَهْ
تَكْفِيْنِي منكِ الفِكْرَهْ
كي أحْيا عندَ مَدارِكَ حُرُّا
جاوَزْتُ بِمِعْراجي آفاقاً وطِباقْ،
وبُراقيَ وَجْدي
وجَناحي الأشْواقْ..
لَكِنَّ الباب غَدا مُغْلَقْ
وعُيُوني تَأرَقْ
وفُؤادي يُحْرَقْ
لمْ يُؤْذَنْ لي في ضَمَّةِ شَوْقٍ
تَأْخُذُني خَلْفَ المُطْلَقْ
***
قُلْ لي يا قُطبَ الأقْطابْ
يا سَيِّدَ كُلِّ الأحْبابْ..
هَلْ تَسْمَعُ طَرْقَ الأبْوابْ
أمْ أنَّ حُدُوْدي يا مَوْلايَ سَرابْ؟
أمَلٌ ذابَ علَى الأعْتاب؟!
أهُنالِك أَقْمارٌ غَيْري؟
رَضِيَتْ مِثْلِيَ بالمَكْتُوْبِ ولا تَدْري؟
فَفَضاؤكَ مَزْحُومْ
وقَضاؤُكَ مَحْتُومْ
وغَرامي مَقْسُومْ.
وأنا في حَقْلِكَ زَهْرَهْ
يَكْفِيْني مِنْكَ ولَو مَرَّهْ،
تَأْتِيْنِي تَسْتَنْشِقُ عِطْري..
لا تَفْزَعْ مِنّي فأنا لا أتَعَذَّبْ!
لَنْ أطْلُبَ منكَ غَراماً كي أتَقَرَّبْ
تكْفِيْنِي النَّشْوَهْ
أنْ أبْقَى في فَلَكِكْ
تَكْفِيْنِي النَّظْرَهْ
أنْ أحْيا في ضَوْئكْ
كي لا أتَغَرَّبْ !
مَنْ يَدْخُلُ قَلْبَكَ حُرّاً مُخْتاراً
لا يَتَسامَى
لا يَتَبَخَّرْ
مَنْ ذا لا تَحْرِقُهُ النّارْ
لوْ فَكَّرَ أنْ يَتَقَرَّبَ أكْثَرْ؟
يَكْفِيْهِ الكَوْكَبْ
أن يَحْظَى بمَدارْ
يَكْفِيْهِ فَخاراً أن لا يَخْتارْ.
** **
- د. عبدالعزيز خوجة