سهوب بغدادي
فيما أصبحت معايير الجمال في زماننا مختلفة وأقرب إلى الكمال، يتسابق الشباب والشابات على حد سواء إلى مواكبة الركب التجميلي من شفط ونحت ونفخ وما إلى ذلك من الإجراءات البسيطة والخطيرة. إنما الأخطر من ذلك تعرض الشخص لتجربة فاشلة أو بالأحرى عملية تشويه لما كان جميلا دون تدخل طبي أو تجميلي. من هنا، لفتني حديث الأطباء والمختصين في ملتقى الطب التجميلي المقام حاليا في العاصمة الرياض، حيث أجمع الأطباء أن العديد من الحالات التجميلية الفاشلة تأتي من تركيا كما قال أحد المختصين بأنها تجارة بشكل بحت باعتبار تدني المستوى الاقتصادي للبلد خلال السنوات الأخيرة، في حين نسمع ونشاهد الدعايات التي لا تقاوم من ناحية سعر الإجراء الطبي وتوفير السكن والسائق الخاص وأكثر من ذلك بكثير، وقد يتفاجأ السائح تجميليا عند وصوله بأن المستشفى التي سيقوم بإجرائه فيها عبارة عن مركز صغير، إن تدني التكلفة أمر غير اعتباطي، فهنالك محاسب محترف يقوم بالحسبة بشكل متقن قبيل تقديم أدنى الأسعار بحيث يخرج صاحب المشروع والتجارة بأعلى مكسب وتحدد التكلفة بناء على نوع الإجراء ومكان الإجراء وحجم الجهة المقدمة للخدمة وعدد الأسرّة المتوفرة للمرضى وغيرها من الاعتبارات. فبحسب المختصين أنهم يواجهون ما لا يقل عن حالتين تحتاج إلى عمليات ترميمية لإصلاح الضرر الذي أحدثته الجراحة التشويهية في بلاد تتسم بقلة التكلفة في هذا النطاق كتركيا. في الوقت الذي استمعت إلى رأي المحامية شروق العتيبي المتعلق بحقوق المريض إذا ما استلزمت حالته مقاضاة الجهة المتسببة في الضرر، فكانت الإجابة بأن المتضرر لن يتمكن من التقدم بشكوى على الجهة الخارجية من أرض الوطن إلا إذا كانت الجهة معتمدة لدى وزارة الصحة السعودية أيضا في مثل هذه الحالات لن تلتفت الجهة الخارجية لأية شكاوى نظرا لإقدام المريض على الإجراء بمحض إرادته والتوقيع على هذا الأمر. علاوة على تفاجؤ بعض المرضى برفع تكلفة الإجراء عند وصوله وحين الدفع وهذه إحدى الخدع والحيل التي تغصب الشخص المغرر به على تقبل كل شيء والاستسلام لأنه لن يتمكن من العودة وإلغاء الرحلة التي كلفته مبلغا لا بأس به. من هذا المنطلق، يبرز دور وزارة الصحة في نطاق وضع والحفاظ على أعلى معايير الجودة والمتابعة للحالة قبل وبعد الإجراء كما يستحسن بوزارة الإعلام بث المحتوى التثقيفي والتوعوي الذي يخدم المجتمع من الناحية الإعلامية كما أرى أوضع آلية وقوانين رادعة وغرامات موجعة على المشاهير الذين يقومون بالترويج لمثل هذه الأنشطة المشبوهة وذلك بتحمل تبعات المنتجات وأخطاء الإجراءات التي روج لها دونما تفكير أو بحث، إضافة إلى دور المجتمع الطبي لا متناهي الأهمية من ناحية إيجاد مبادرة تعزز من ثقة المريض في الخدمة المقدمة على أرض الوطن بتقوى الله في العمل والتكلفة تباعا.
إن بعض المتضررين يعمدون إلى الصمت على الضرر فأبسط فعل يمكن للشخص المتضرر أو الذي يشهد الضرر الواقع حالا أم مستقبلا أن يقوم بتبليغ الجهات المختصة وخير مثال على ذلك منصة كلنا أمن.
(كل جميل ستجد أجمل منه، ستتوقف عند أي حد؟)