د. حامد بن مالح الشمري
من أهداف التشريعات والأنظمة الخاصة بحماية المستهلك مساعدة المواطن للحصول على سلع وخدمات ذات جودة عالية وحمايته من كافة أنواع الغش والتضليل وأخطار المنتجات الاستهلاكية، إضافة إلى ضمان وسلامة المستهلك وحقوقه من الضياع والاحتكار والجشع والتعويض.
لا شك أن فاعلية الأنظمة وتطبيقها بكل حزم يجعل الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية الصغيرة والكبيرة منها تحرص على التقيد بالمواصفات والمعايير التي يجب توافرها في المنتجات نظرة الخطورة أي مخالفة أو تعاون في هذا المجال وربما يكلف الشركة أو المحل التجاري عقوبات رادعة تفقد معها وجودها في السوق.
إن واقع حماية المستهلك في أسواقنا ومحلاتنا التجارية ومصانعنا بحاجة إلى إعادة نظر جادة، فلا يكفي المرور على المحلات التجارية للتأكَّد من أن المعروض من البضائع لم تنته صلاحيته وإن كان هذا العمل من مهامها، ولكن لا بد أن يكون الإدارات حماية المستهلك دور أكبر في محاربة السلع الرديئة أو المغشوشة والتأكَّد من سلامة مكونات السلعة سواء ما يتعلق بالمواد الغذائية أو مواد البناء أو قطع غيار السيارات ومطابقتها للمواصفات ومعايير السلامة ومعرفة مدى التزام المنتج بشروط السلامة من أجل جعل المستهلك يطمئن السلامة ما يشتريه، كذلك التأكَّد من أسعار السلع والمنافسة العادلة والعروض الموثوقة، إضافة إلى محاربة البضائع المقلدة والقيام بزيارات ميدانية لمواقع الإنتاج كما في مزارع الخضار والفواكه للتأكَّد من نوعية المبيدات الحشرية والفطرية المستخدمة وهل المزارع ملتزم ومدرك لمخاطر هذه المبيدات والمدة التي تفصل ما بين رش الخضار والفواكه وتسويقها وغير ذلك من الأمور الاحترازية، وكذلك مزارع الدواجن والأبقار وغيرها التي هي الأخرى بحاجة ماسة إلى زيارات ميدانية مكثفة ودقيقة للتأكَّد وفحص كمية العقاقير والمضادات الحيوية المستخدمة في هذه المزارع حتى لا يكون هناك استخدام جائر له تأثير سلبي على صحة المستهلك.
إن الوعي لدى الكثير من المستهلكين بمخاطر المواد الرديئة أو المغشوشة لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب مما جعل البعض من التجار وأصحاب المحلات التجارية والمنتجين يستغلون ذلك ويمررون بضائعهم الرديئة أو تلك المنتهية الصلاحية أو المبالغ في أسعارها وهذا يعني خسارة مادية وصحية في وقت واحد، ولعل الدراسات الحديثة تشير إلى تزايد نسب الهدر الاقتصادي من جراء البضائع المغشوشة وكذلك انتشار الأمراض بسبب تلك الأغذية الملوثة بمبيدات حشرية ومضادات حيوية وعوادم السيارات أو المنتهية الصلاحية حتى وإن تبين للمستهلك سريان مفعول مدة الصلاحية على أغلفة المواد الغذائية ومكوناتها الخطيرة نتيجة للتلاعب والتحايل والغش من قبل بعض المستوردين والمنتجين والممارسين من محلات وباعة متجولة تعج بها الشوارع والأحياء السكنية. المواطن يلمس ضعف الدور الرقابي على السلع والمنتجات الاستهلاكية والصناعية لقطع الغيار الذي يشهد سوقًا كبيرًا وجاذبًا للاستثمار، إلا أنه غير منظم (محلات قطع الغيار) وتسيطر عليه العمالة الوافدة، ومطلوب التركيز على مجالات التصنيع محلية وربط هذه المصانع بمراکز البحوث والأقسام الصناعية والمهنية في الجامعات والكليات التقنية. الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك تحتاج صلاحيات واسعة تتيح لها تنفيذ العقوبات الرادعة مع أهمية تحديث وإعادة هيكلة وأنظمة وقوانين هذه الإدارات ودعمها بالكوادر، مما يجعلها قادرة على القيام بمهامها على الوجه الأكمل وتحديد الدور الرقابي والإشرافي لهذه الجهات ورفع درجة التنسيق والتكامل فيما بينها وأسلوب عمل الإدارات أو الجهات المعنية بحماية المستهلك مما يشجع المواطن على التفاعل مع هذه الجهات لمصلحة الوطن والمواطن، مع دعم جمعيات حماية المستهلك مالية وتقنية ومعلوماتية وبحثية حتى تكون قادره على تثقيف وحماية المستهلك وخصوصًا أن المملكة تشهد توسعة كبيرة في الأسواق والمحلات التجارية.