مها محمد الشريف
احتفل حزب الله بإزالة الستارة عن نصب للهالك قاسم سليماني في منطقة مارون الرأس الجنوبية، ويظهر التمثال الخشبي سليماني وهو يشير بإصبعه نحو الحدود اللبنانية الإسرائيلية وخلفه العلم الفلسطيني، مما أثار تساؤلات وجدل حول هوية لبنان وسيادتها، حزب الله يرتكب دناءة إضافية على تغيير هوية لبنان بتعظيم مجرم إيراني قاتل وإدخاله في صراع المحاور، وإقحام البلاد في بهلوانيات إيران المخزية التي أصبحت رمزاً للعزلة والعقوبات، فكل يوم يؤكد الحزب أنه فرع للحرس الثوري الإيراني ووليه الفقيه وليس لبنانياً، فهذه هي البصيرة المشؤومة التي أصابت لبنان.
حين نتحدث عن أداة سياسية للقمع تقمع الشعوب بمعيار مزدوج، وتمارس البطش تحت إدارة مبهمة لقوى ظلامية، تعمل من أجل تفخيخ العربات في العراق وسوريا وساحات لبنان المكتظة بالمتظاهرين، قال مسؤول إقليمي موالٍ لإيران إن توجيه حزب الله للميليشيات المسلحة في العراق سيستمر إلى أن تتولى القيادة الجديدة في فيلق القدس الذي كان يقوده سليماني في الحرس الثوري الإيراني التعامل مع الأزمة السياسية في العراق.
كبرت المساحات المحتلة على مسمياتها العربية، وأصبحت من الامتيازات الطبقية التي يتحكم بها حزب الله وشكل بها عالماً مغايراً غابت عنها ملامح الشرعية السياسية ولن تجد نهاية لما تبحث عنه في مصير هذه البلدان التي تسيطر عليها هذه المخططات الإيرانية وتنظيماتها وأدواتها، وأثَّر هذا الزحف على مفاصل الحكومات سواء في العراق أو في لبنان.
بهذه السوداوية التي ينعون بها سليماني متعددة الدلالات على الانتقام والاستمرار حتى يومنا هذا، فلن يتحسَّن وضع لبنان والعراق وسوريا وهذا الحزب يعيث فساداً وغدراً بها، فالاجتماعات بين حزب الله وقادة الجماعات المسلحة العراقية بدأت في يناير بعد أيام فقط من اغتيال سليماني.
إلا أن ثمة أمراً خطيراً لا يقبل التقليل من شأنه يخدم أجندة إيران من خلال أذرعها في لبنان، بإعلان الأمين العام لـ»حزب الله»، عن زيارة رسمية لرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني والوفد المرافق له، والغريب في الأمر أن حزب الله يقوم بدور الحكومة كاملة، لبحث التطورات في المنطقة، أصدر من خلالها بيان عن العلاقات الإعلامية في «حزب الله»، بحضور السفير الإيراني في بيروت محمد جلال فيروز نيا».
من يقوم بهذه الحروب والصراعات ويدفع بالبشر إلى إبادة بعضهم، لن يقدم إلى لبنان سوى الدمار، وتساءلت الصحافية والوزيرة السابقة في حكومة سعد الحريري، مي شدياق، «بعد تعليق صورة الإمام الخميني على طريق المطار حزب الله يدشِّن نصباً لقاسم سليماني في الجنوب، لماذا الإصرار على تغيير هوية لبنان وإدخاله في صراع المحاور؟»
من الواضح أن مقتل المجرم سليماني نسف مشاريع إيران، ويتّم الخونة التابعين لهم في البلاد العربية وأولهم حزب الله وزعيم عصابته حسن «زميرة» ولذلك لم يتمكنوا من استيعاب نفوقه في العراق لأنهم أثبتوا بالدليل القاطع أنهم أذناب خونة فأصبحوا يعبِّرون عن يتمهم بحمل صوره ونصب تذكاري له، أما اللبنانيون فلم يعد أمامهم وقت طويل ليفقدوا بلدهم ويصبح ولاية إيرانية قلباً وقالباً مع تيار الدجال باسيل، فترحّموا أيها اللبنانيون على بلدكم ما لم تتحركوا وتعيدوا دولتكم لعمقها العربي، وتجددوا ما عرف عنها من رقي ثقافي وتاريخ ناصع بالتطور الحضاري قبل أن تتوغل فيها إيران وتعيدها للعصور الوسطى.