فهد بن جليد
هل نحن ملزمون أخلاقيًّا وإنسانيًّا بالإنصات إلى معاناة الأشخاص الذين يطلبون منا العون والمساعدة؟ أم إن تجاهل هؤلاء وعدم الاستماع لهم مطلب في ظل عدم القدرة على تقديم العون؟ أو الخوف من الوقوع في شبك النصابين والدجالين الذين تم التحذير منهم؟ ثم ما هي حدود المسؤولية عند رؤية شخص مقطوع يطلب المساعدة في طريق أو مكان غير مأهول، أو في حال حرجة حتى لو كان داخل المدينة؟ الأسئلة في هذا الباب كثيرة ومتطايرة، والإجابات التي حصلت عليها من البعض صادمة ومتباينة، لا يمكنني وصفها بالأنانية، أو عدم الإنسانية، في ظل حاجتنا لمراجعة بعض المفاهيم، وفهم بعض الضوابط والنصائح. جرِّب طرح تلك الأسئلة وغيرها على من حولك، واكتشف مدى فهم أفراد مجتمعك المحيط للمسؤوليات والواجبات والأخلاقيات عند التعامل مع مثل هذه المواقف؟
في المجتمع الغربي عادة ما تُظهر بعض برامج الكاميرا الخفية أخلاقيات وقناعات الأشخاص لا الشعوب والثقافات. أشهر الصور للشاب الأمريكي الذي دأب منذ سنوات على تقديم جهاز هاتف (آيفون) جديد لكل شخص ينجح في اختبار مد يد العون والمساعدة له، وكيف أنه عكس جانبًا آخر إنسانيًّا، يتحرك بالفطرة والتلقائية؛ ليتجاوز كل المخاوف. وشدني تصرف عجوز في النسخة الأخيرة، طالبته بالتوقف؛ لأن ما يقوم به يساعد الكاذبين على الحصول على مال لا يستحقونه. وانقسم المتابعون بين مؤيد ومعارض.
في مقال سابق حدثتكم عن قصة الطالبة (دومنيك هاريسون) كما نشرتها الصحف البريطانية، عندما تقطعت بها السبل في ساعة متأخرة من الليل بعدما ضاعت بطاقتها البنكية؛ ليتقدم إليها متشرد اسمه (روبي)، ويمد لها كل ما يملك من المال (3 جنيهات إسترليني) حتى تستقل (تاكسي)، وتعود لمنزلها بأمان. صباح اليوم التالي بحثت (دومنيك) عن (روبي) حتى وجدته، وأعادت له المبلغ، ثم أطلقت على (الفيس بوك) حملة لشراء منزل له، جمعت خلالها 10 آلاف جنيه إسترليني، بل إن الحملة كشفت أن (روبي) لم يساعد (دومنيك) وحدها؛ فقد انضم للحملة أشخاص آخرون، ذكروا أن هذا (المتشرد البريطاني) ساعدهم في استعادة (محافظ نقودهم) المفقودة، ومفاتيح سياراتهم الضائعة، دون أن يطلب مقابلاً. القصة كشفت أننا لسنا وحدنا من نساعد (المحتاجين)، هم أيضًا يملكون مشاعر وأحاسيس ورغبة في مد يد العون مثلنا تمامًا. المسألة يجب أن لا يستغلها البخلاء في نهر كل سائل، بل التأكد من استحقاقه، والأخذ بيده وفق الأنظمة؛ ليكف عن ذل وحرقة السؤال.
وعلى دروب الخير نلتقي.