فهد بن جليد
الصحافي الميداني يمتلك (أُذنا وعينا) مُختلفتين عن عامة الناس، فهو يحضرُ المناسبات مثلهم ولكنه يسمع (ما لا يسمعون)، ويشاهد (ما لا يشاهدون)، ويقرأ ما بين السطور، ويربط الأحداث ببعضها، ويحلِّل المواقف، لذا تجده يخرج بمعلومات تختلف عمَّا يعتقده عامة الحضور، وهو مرجع ومصدر إخباري وتاريخي أحياناً، وشاهد على الحقِب والعصور والأحداث، ودائماً ما يمتلك وجهات النظر المُتعدِّدة تجاه موضوع واحد بكل اتزان وإتقان وحيادية وأمانة تتطلبها هذه المهنة، الأمر الذي يفسر لجوء بعض المُشتغلين والمهتمين إلى بعض الصحافيين عندما يريدون الرجوع إلى حقيقة قصة أو حدث أو حقبة زمنية لا توجد لها مراجع تاريخية واضحة أو محدَّدة، لأنَّ الصحافي الأمين بات المرجع الأكثر دقة لها.
هناك قصص كثيرة لصحافيين وإعلاميين أذهلوا العالم بحقائق توصلوا إليها (بقراءاتهم الخاصة) و(فراستهم)، وهذه فروقات بشرية (فطرية) بالتأكيد، لا يعني أنه لا يمكن اكتسابها، بل يمكن امتلاك هذه الأدوات بالتدريب والتأهيل والخبرة التراكمية، فالمسألة ليست (خارقة للعادة)، بقدر ما هي ميزة ومَلَكة يتمتع بها (الصحافيون الحقيقيون)، ودائماً ما أقول إنَّه يمكن للصحافي العادي الحصول عادة على (ثلث الحقيقة) في المؤتمرات الصحافية، ولكن (ثلثي الحقيقة) عليه اقتناصها إن كان (صحافياً مُحترفاً) من (فم المتحدث) بعيداً عن الميكرفونات والكاميرات، هذه هي (الحِرفية والمهنية الإعلامية) المطلوبة، والاجتهاد المحمود.
صانع المحتوى الإعلامي عليه تنمية هذه المهارات الشخصية والعمل على اكتسابها وصقلها أكثر، كما يجب إعطاء هذه المسألة الأهمية اللازمة لضمان تأهيل صحافيين محررين ومذيعين (ميدانيين) يستطيعون تميِّيز مؤسساتهم الصحفية، وقنواتهم الفضائية، بقصص مميزة وأخبار حصرية تستحق النشر والتداول، هكذا يُعرف صانع المحتوى المُحترف الذي يقود الشاشة والصحيفة نحو الخبر والعنوان الأهم والأبرز.
وعلى دروب الخير نلتقي.