رجاء العتيبي
الذي يزور المناطق الأثرية في العُلا يعرف أن مفردات (صعب، مستحيل، لا أستطيع) غير موجودة في قاموس الهيئة الملكية لمحافظة العلا، شاهدنا بقعة حضارية ظهرت في غضون سنوات قليلة بعد أن كانت معزولة يحيط بها (الشبك) من كل جانب، تمر بمحاذاتها - في السابق - ولا تعرف ما تخبئه هذه المنطقة من كنوز تراثية وآثار ضاربة في القدم وشعوب باتوا هنا لآلاف السنين.
في البدء سُجلت مدائن صالح (الحِجر) في قائمة التراث العالمي عام 2008م، كأول منجز عالمي للمملكة في مجال التراث، ما جعله محط اهتمام الهيئة العامة للسياحة، فتحت هيئة السياحة جزءًا من الشبك للزائرين والباحثين، وما هي سوى سنوات حتى أزيل الشبك بالكامل مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا وباتت آثار العلا محط أنظار السياح على مستوى العالم وفقًا لرؤية 2030.
جاء (شتاء طنطورة) كإطار عام للبرامج السياحية كفكرة رائدة التي بدأتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا العام الماضي، يسلط الضوء على العلا التاريخية بوصفها مهدًا للثقافة والتراث ومحطة مهمة على طريق تجارة البخور وعلى مدى 12 نهاية كل أسبوع يقدم شتاء طنطورة أفضل العروض الموسيقية والفنية والثقافية لأبرز نجوم العالم لتستعيد العلا مجدها التاريخي كمحور للتبادل الثقافي بين الشرق والغرب كما كانت عليه من آلاف السنين.
بعد أن كانت العلا التاريخية معطلة اقتصاديًا لعقود طويلة، باتت اليوم تدر أموالاً طائلة، ليكون قطاع السياحة مصدرًا من مصادر الدخل يسهم في النمو الاقتصادي للمملكة، لمسنا ذلك عن قرب أثناء زيارتنا للمنطقة ضمن وفد من وزارة الثقافة نهاية الأسبوع الماضي، أطْلعنا البرنامج السياحي على كل (ما هو مدهش) القبور النبطية، دادن، المزارع التاريخية، جبل عكمة، وادي القرى، صخرة الفيل، مسار جميل بثينة، مسرح مرايا، فوهة البراكين... ثم المطاعم العالمية التي حطت في المكان لتزيد الموقع بهجة وجمالاً.
كانت مشاركة المجتمع المحلي للعلا محط إعجاب السياح، شباب وشابات في غاية اللباقة في التعامل مع الزائرين كمنظمين ومرشدين وقياديين، أداء احترافي وتفانٍ في العمل ووعي كامل بما يحدث، وتعمل الهيئة الملكية لمحافظة العلا على استمرار الدعم والتدريب وتمكينهم في جميع مستويات الإدارة (الدنيا، الوسطى، العليا).