سهوب بغدادي
فيما يعرف الأثير فيزيائياً بأنه وسط مادي افتراضي خفي عديم اللون والرائحة والوزن. من هذا التعريف أقوم بأخذ منحى فلسفي أو مجازي إن صح القول، فهل أصبح ما ينقل لنا عبر الأثير يوافق معاني التعريف الفيزيائي؟ في حين شهدنا يوم الإذاعة العالمي الأسبوع المنصرم، وسمعنا الكثير من التاريخ الذي سرد علينا من كل مكان عن بداية تأسيس المحطات الإذاعية وانطلاق البرامج الإذاعية. يسعني من هذا الموطن أن ألفت انتباهكم إلى وضع الإذاعة في وقتنا الحالي. إن كل نطاق قابل للتغيير مع مرور الزمن، إلا أن ليس كل تغيير يندرج ضمن الخانة الإيجابية. كما أوقن بأنني لم أعاصر أيام الراديو في مجده ولكنني لحقت بشيء من تلك الأيام، مما شكِّل لدي فارقاً لا يمكن تجاهله عندما أمر وأتنقّل بين المحطات الإذاعية المعاصرة. بلا شك، أن الذائقة اختلفت بشكل جذري في ظل التحول الرقمي وتزامناً مع العولمة وأبعادها. ولكنني أقصد تلك المادة غير الهادفة والتي لا تضيف أية قيمة للمستمع وإن كانت قيمة ترفيهية، فلا ضير من الترفيه لأنه مجال معروف ورسمي في أغلب الدول إن لم يكن في جميعها. إنها دعوة للتوقف على الأساسات والمعايير التي تشكِّل لنا الكيان الإعلامي عامة والأثير الإذاعي خاصة. وباعتبار الإذاعة أداة إعلامية فعَّالة وفاعلة يستحسن أن ندرس أبعادها وتأثيراتها على الأجيال القادمة، فما يغرس اليوم فيهم سينبع غداً في مستقبلهم، إن أحداث اليوم ذكريات الغد وأجزاء الماضي حكم وتاريخ الحاضر.
(لنجعل الأثير مؤثرًا إيجابيًا لا متأثرًا سلبيًا)