يعد موضوع الهوية الوطنية من أكثر المواضيع اهتماماً على المستوى العالمي، وخاصة في ظل التحديات المعاصرة كالعولمة، وما صاحبها من ثورة هائلة في تقنية المعلومات والاتصالات وانعكاساتها على الهويات الخاصة بما تحمله من أبعاد دينية، وثقافية، وفكرية، وسياسية، واجتماعية، واقتصادية، وانطلاقاً من رؤية ورسالة جامعة شقراء، وتبنيها لشعار -مستعدون للمستقبل- وانسجاماً وتحقيقاً لرؤية المملكة 2030، والتزاماً من جامعة شقراء بدورها الحيوي المؤثر في خدمة مجتمعها المحلي والوطني، فقد تبنت الجامعة تنظيم المؤتمر الدولي الأول (الهوية الوطنية في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030).
عقدت جامعة شقراء وبرعاية من معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، المؤتمر الدولي للهوية الوطنية في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والمقام بمركز الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض خلال الفترة 8 - 9 جمادى الآخرة 1441هـ الموافق 2 - 3 فبراير 2020م، وسط إقبال كبير من المهتمين على التسجيل في جلسات المؤتمر، وورش العمل المصاحبة. وكان من أهداف المؤتمر الوطني: تعزيز الهوية الوطنية وغرس قيم الانتماء والولاء الوطني، وقيم الوسطية، والتسامح. ودعم برنامج تعزيز الشخصية السعودية كأحد أهم البرامج الإستراتيجية لرؤية 2030. وعرض التجارب العالمية والرؤى الاستشرافية في مجال تعزيز الهوية الوطنية.
يعد التاريخ من أهم التخصصات التي تساعد في تعزيز الهوية الوطنية، والحفاظ عليها باعتباره التخصص المعبر عن هوية أي دولة من الدول في العالم، فالمحافظة على تاريخ الدولة وتراثها مرتبط بدرجة كبيرة مع الهوية الوطنية. ولعلنا نستشهد بأهمية تخصص التاريخ بمقولة مؤرخ الملوك وملك المؤرخين الملك سلمان في التاريخ: «إذا كنت تقرأ تاريخ ألف سنة، فلديك خبرة ألف سنة».
وكانت من أهم المداخلات في المؤتمر الوطني لمناقشة أهمية تخصص التاريخ في تعزيز الهوية الوطنية؛ هي مداخلة الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الكريم البكر، من قسم التاريخ في جامعة الملك سعود، حيث قال: «تاريخ الوطن ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية، وقل مثل ذلك في التاريخ الإسلامي باعتبار هذه الأرض المباركة هي بسملة التاريخ الإسلامي، وجامعاتنا يوجد لديها دراسات تاريخية ثرية، ولكن الإشكال هنا! كيف نستفيد من هذا الكنز؟ لا أبالغ أذا قلت: (بأنه مجموع هذه الدراسات التاريخية توشك أن تشكِّل مدرسة تاريخية سعودية)، كيف نستطيع الاستفادة من هذا المنتج التاريخي، وغرسه في الذهنية المجتمعية، ونحن نواجه إشكالاً واضحًا أن سوق العمل ومتطلباته لا يعشق التاريخ كثيراً؟!».
ويبدو أن مداخلة أستاذنا خالد البكر مداخلة فأل خير؛ حيث جاء في توصيات المؤتمر الوطني ضرورة التأكيد على جميع القطاعات الوطنية التعليمية وغير التعليمية، ومراكز الأبحاث بمحورية التراث والتاريخ الوطني في تعزيز الهوية الوطنية. وإعادة بناء مناهج التاريخ الوطني بما يضمن سلامة محتواه، وجوانب إسهامه في تعزيز الهوية الوطنية. ودعم التعاون بين الجامعات ودارة الملك عبد العزيز؛ لاستثمار المخزون الوطني التاريخي لتعزيز الانتماء الوطني. وحث المتخصصين الأكاديميين في التاريخ، والتراث، والثقافة في الجامعات السعودية على الإسهام في نقل المعرفة الوطنية لجيل الشباب وفق وسائل التواصل الحديثة. ومراجعة التخصصات في أقسام الدراسات الإنسانية في الجامعات السعودية وتطويرها؛ لتخريج جيل قادر على العمل في المشروعات الوطنية الجديدة في مجالات التراث والثقافة.
ومن هنا أحث نفسي، وجميع طلاب وطالبات الدراسات العليا في أقسام التاريخ بالجامعات السعودية؛ للعمل في المحافظة على الهوية الوطنية، والسعي لوحدة الصف الوطني للمساهمة بتخصص التاريخ في تعزيز الهوية الوطنية، لأن التاريخ ليس علمًا يدرس المعلومات المتعلقة بالإحداث الماضية فقط، بل علم يفسر الواقع الحاضر للأمم، وعلم تنبؤ بالمستقبل.
** **
- نوال بنت إبراهيم القحطاني