عبد الله باخشوين
لابد من توجيه الشكر لنادي جدة الثقافي.. على مبادرته لتكريم الدكتور عبدالله الغذامي.. في توقيت مناسب يكمل (طوى) مرحلة (أدبية) ازدهرت منذ مطلع (الثمانينات) وأودعت (الأرشيف)، وختامها تكريم أحد أبرز رموزها عبدالله الغذامي الذي بدأ المشاركة في الحركة (الأدبية) التي يمكن القول إنها (كانت) هزيلة وأصغر كثيرًا من قامته الكبيرة المميزة.. التي كان يليق بها الانطلاق في بيئة ثقافية عربية أكثر تحرراً وتميزًا.
غير أن (الجود من الموجود) كما اعتاد سعيد السريحي أن يقول وهو يقدم (الدروع) لمن كرمهم النادي الأدبي بجدة في بعض أمسياته. وأتمنى أن يكون تكريم علم مثل المفكر الدكتور عبدالله الغذامي قد تم بطريقة تليق باسمه ومكانته، ذلك أني لم أحضر الحفل ولم أعرف عنه إلا بعد نهايته كخبر منشور في الجريدة، وإن كان حضوري لم يكن سوى للاستماع والسلام على المفكر الكبير الذي تسعد بخلقه الكريم حين تراه ولو عن بُعد.
ولأنني بدأت بالأرشيف.. فسوف أكمل بالقول إن تلك (المرحلة) شهدت من (اللغط) و(الثرثرة) أكثر مما أنجزت من النقد والإبداع.. ولو أخذت أبرز الأسماء في أروقتها ومنابرها.. لوجدت أن إنتاجهم (فقير جداً) قياساً لحضورهم ومشاركاتهم ومشاكساتهم وثرثرتهم أيضاً.
وعندما تريد الأجيال التالية البحث عن كتبهم.. أو إنتاجهم المطبوع سوف تفاجأ بفقرة وهزالة وبعدم وجود أي شيء (مطبوع) لبعض (الأسماء).. وإن كان يوجد لدى البعض (مثلي) مسودات مكتوبة بخط اليد.. تم تداولها والبحث فيها ومن ثم إيداعها (الأرشيف) حتى قبل أن يتم تنقيحها أو (تبييضها) ونشرها في الصحف أو طبعها في كتاب.
أما ثرثرات (المقاهي) و(المنابر) و(الجلسات الخاصة) فهي لا تعد ولا تحصى ولا يمكن حصرها لـ(أرشفتها) رغم أنني أزعم .. أنها كانت (مربط الفرس) الذي أثار اللغط والبلبلة وجعل من البعض أصحاب (شهرة) أكبر كثيراً من الأدب أو النقد والإبداع الذي كتبوه.
لهذا نقول إن المفكر عبدالله الغذامي ظلم نفسه في المساهمة والانخراط (شبه الكلي) ولم ينفصل عنها إلا في سنوات متأخرة بعد انتقاله من مدينة جدة.. والذي يدفعني لمثل هذا القول هو حقيقة عدم قدرة أغلب معاصري الدكتور على فهمه وهضم رؤاه وأطروحاته.. التي بدأت في (الخطيئة والتكفير) ومشروعه الثقافي الذي رافق عودته من إنجلترا.. لأنه (مشروع) لا يحتمل البقاء في أروقة (الجامعة)، فهو مشروع رؤيوي تطبيقي.. اضطر معه على تقديم كثير من التنازلات بالمشاركة في (فوضى) الساحة الثقافية.. التي هرمت وانتهت دون أن تترك أثراً يُذكر.
أتمنى للدكتور دوام الصحة وطول العمر كعلم من أعلام مرحلة ثقافية مهمة.. رغم كل ما قيل ويقال عنها.