سام الغُباري
لستُ ممن يميلون لاستخدام المصطلحات الشائعة كثوابت تُردد في العمل الصحافي، ففي المصطلحات أفخاخ لغوية تغويك، وتذهب بك إلى مكان بعيد عن رؤية الحقيقة، لهذا لا أفضل تسمية «الحوثية» كوصف يُطلق على مرتكبي مذابح الإبادة العرقية في اليمن! كما أنني لستُ ممن يميلون كل الميل مع الظن بأن النظام الإيراني هو الفاعل الرئيسي في تكوين «الحوثية»، لسبب بسيط أن الحركة الحوثية ليست سوى امتداد تاريخي للعنف السابق الذي شهده اليمن طوال ألف عام من الدم والطبقية وجرائم الإبادة التي تضج بها كتب الزيدية ومؤلفات أئمتها الإرهابيين.
الوصف الملائم للحوثية، هو «ميليشيا الفصل العنصري»، ففي كل حقبة يظهر على اليمنيين رجل من عائلة علوية يطلب الإمامة، مثلاً في زمن يحيى بن حمزة الذي لقّب نفسه بـ»المؤيد» أمر أتباعه من «الطبريين» بإبادة سكان «صنعاء» عن بكرة أبيهم، ووزع ستمائة امرأة من أرامل القتلى على عناصر مرتزقته!
وحشية ذلك الفعل الإجرامي، دُوّن بفخر في مؤلفات خاصة أصدرها الرجل دون أي اكتراث أو وخزة ضمير، مبرره الوحيد أن أولئك اليمنيين الذين أبادهم كانوا عصاة على إمامته المعلنة وفق نظرية الولاية المنصوصة في كتب أسلافه «الزيديين» وأول شروطها أن يكون الحاكم علويًا ذكراً! وكان هو ذلك الرجل المنشود الذي ينطبق عليه هذا الشرط مع بقية الشروط الأربعة عشر المُحدِدة لاختيار الإمام، ومن يخالفه يستحق الموت.
من رحم هذا التراث الدموي جاءت «الحوثية» كحركة زيدية تُنفّذ نصوصها الإرهابية حذو القذة بالقذة، فاعلة باليمنيين ما تفعله من جرائم إبادة ضد الإنسانية دون أن يطرف لها رمش، ومن باطن هذه المؤلفات الإرهابية الغزيرة تشرّب «حسين الحوثي» أفكاره، ومثله أشقاؤه الذين يقودون ميليشيات عنصرية تحرم اليمنيين حق البقاء في مدنهم وتأمرهم بالعودة إلى الأرياف وترك العمل في الوظيفة العامة لأسباب تتعلَّق بالكفاءة التي يرونها حصرية في عائلاتهم المتسلسلة عرقيًا في ترابط فولاذي لا يمكن كسره إلا بقوة قاهرة لا تجدي معها كل فنون السياسة ووعودها ونصوصها.
اليمانيون أشد الناس معرفة بما جرى قديمًا، وبما يجري اليوم في مناطق سيطرة الميليشيا، لهذا نرى الهلع في وجوههم عندما يراوغ «الحوثي» بإرسال إشارات خادعة عن رغبته في «السلام» ، وهو يقصد السلام الذي يكون هو فيه الحاكم الآمر، يخشى اليمانيون هذه الحيل المجرَّبة التي دفعوا أثمانها باهظة من كرامتهم وحياتهم، فصاروا دونها مشردين بلا أفق لحل يعيد العقل من أجازته الطويلة.
إن «داعش» على سوءتها البربرية ليست سوى فعل نادر يتكرر كل عشرة قرون، فيما يمثِّل الإرهاب الإمامي - العلوي بالنسبة لليمنيين تحديدًا جريمة علنية متكررة في بضع سنين، فما تقوله إحصائية رصدت جرائم وحروب من ينتسبون إلى خرافة «آل البيت» في اليمن خلال عشرة قرون قد بلغت زهاء 1167 معركة، بعض تلك المعارك استمرت لعشرات السنين
تلك الوقائع المفزعة تؤكدها حرب الحوثي المدمرة على اليمن التي بدأت في 2004 ولم تزل مستعرة، ويعلم الله وحده متى يراد لها أن تنتهي، ولمن تؤول في نهايتها الغلبة؟
.. وإلى لقاء يتجدد