عبد الاله بن سعود السعدون
يمر العراق الشقيق بأحرج مراحله السياسية والاجتماعية إثر تداعيات ثورة الشعب العراقي في جنوبه ووسطه الرافض للنفوذ الإيراني ومطالباً بعودة الوطن الذي تسلطت على إرادته السياسية والاقتصادية مجموعة من (أصدقاء طهران) تربوا سياسياً وطائفياً على أيادي وتعليمات ملالي قم وطهران لأكثر من ثلاثة عقود بعد التجائهم وهربهم من وطنهم في عهد الرئيس صدام حسين ومحاربتهم في صفوف القوات الإيرانية لجيش بلادهم العراق.. وبعد أن رافقوا القوات الغازية الأنجلوأمريكية لأرض الوطن العراقي سلمهم مقدرات الشعب العراقي الأصيل ليقدموا ثروات الشعب العراقي لحكومة الملالي في محاولات يائسة لإنقاذ اقتصاديات إيران المنهارة لتبذيرهم أموال الشعوب الإيرانية في التآمر العابث في محيطها الإقليمي والذي اتسم بالتدخل السافر في الشئون الداخلية لدول الجوار العربي وزراعة ميليشيات مسلحة منفلتة تأتمر بتوجيه مكتب المرشد الإيراني خامنئي وعملاء منظومة «إطلاعات الاستخبارية» والمنتشرة مكاتبها في معظم المدن العراقية والتي تشارك بواسطة عملائها في إخماد ثورة شعب العراق المنتفضة على ظلم وفساد عملاء وأصدقاء طهران والذين سلبوا ثرواته وهمشوا كل وطني عراقي يرفض وجود إيران على أرضه العراقية.
استطاعت إيران التمدد في سلطتها بالقرار السياسي إلى كل الجغرافية العراقية من الفاو حتى جبال دهوك بتنفيذ مشروع شيطاني راح ضحيته من شباب العراق الأبرياء بزرع عصابة داعش الإرهابية في غرب وشمال العراق، وهنا التقت المصالح الدولية بالإقليمية لتدمير المدن ذات الأكثرية السنية بغرض إنهاء معارضته للاستعمار الإيراني للتراب الوطني العراقي.. وتشكل لتنفيذ هذا المخطط الإيراني الحشد الشعبي بتجميع كافة المليشيات الشيعية الطائفية والممولة من طهران بقيادة الجنرال سليماني ويساعده القائد السابق في فيلق بدر أبو مهدي المهندس؛ واللذان لقيا حتفهما في عملية عسكرية أمريكية مؤخراً للتخلص منهما لانتهاء دورهما المشبوه في تخريب وسلب وتشريد ثلث شعب العراق وزرع مكاتب الحشد الشعبي في المدن الرافضة للتسلط الإيراني ابتداءً من الموصل مروراً بصلاح الدين والأنبار وديالى لخنق كل اعتراض وتذمر وطني للتدخل الإيراني وعملائه بالإرادة العراقية.
مقاطعة أكثر من ثمانين بالمئة من الشعب العراقي للانتخابات النيابية الأخيرة مؤشر ملحوظ لرفض شباب العراق للحكومات العميلة التي توالت بسرقته وتعذيبه طيلة سبعة عشر عاماً، وحرمان كل مواطن عراقي حر من العيش الكريم والتمتع بثروات وطنه المنهوبة أمام عينه من قبل الأحزاب المذهبية والصديقة لإيران، فانفجر منتفضاً في ثورته الوطنية مطالباً بعودة الوطن المنهوب ومحاسبة الفاسدين من عملاء ملالي طهران وكانت ردة فعل المليشيات العسكرية المؤتمرة بعملاء «إطلاعات الاستخبارية» بتشكيل ما يسمى بالطرف الثالث، والذي تولى وبجبن غادر بعد اغتيال العديد من المنتفضين والذين وصل عدد الشهداء أكثر من خمسمائة شهيد وآلاف من الجرحى والمصابين، ولكنهم ومعهم ملالي طهران لم يستطيعوا إيقاف هذه الاحتجاجات، فأسهمهم قد أخطأت الهدف أمام قوة وإصرار هؤلاء الشباب على الصمود والتضحية بكل ما عندهم من غالٍ لأجل كرامة وسيادة العراق.
إثر إسقاط حكومة السيد عادل عبدالمهدي والتي كانت تتصف بالضعف وعدم الكفاءة لإدارة الأزمات المتلاحقة وانحنائها إثر الضغوط الإيرانية المطالبة بعدم تنفيذ مطالب المتظاهرين الوطنية المشروعة باستعادة السيادة الوطنية للوطن العراقي والتخلص من الاستعمار الإيراني.. وقد شكل تردد وخوف وزارة عبدالمهدي لتأزيم الأزمة وتحويلها لمواجهات غادرة كلفت بتنفيذها مليشيات مؤتلفة من عملاء إيران، والتي أظهرت خيانتها للهالة السابقة لشخصية مقتدى الصدر ومنظومته المسلحة، والتي كان شعب العراق مضللاً بصدقها الوطني والتي وصفت بذوي القبعات الزرق وإعلانها لمخالفة التيار الوطني العراقي بالعمالة الظاهرة لملالي قم والتي سحبها السيد الصدر بحجة الانتماء لمدارس الحوزة الشيعية بعد تخويفه بمصير سليماني والمهندس إن بقي في النجف بعد أن تم توجيه أتباعه عن طريق عملاء إطلاعات لإخماد شعلة ثورة شباب العراق.
وتحت ضغوط متكررة على السيد برهم صالح رئيس جمهورية العراق والذي ظهر صامداً لرفضه كل الأسماء المرشحة لخلافة عبدالمهدي لتشكيل الوزارة الجديدة، إلا أنه قبل أخيراً بترشيح محمد توفيق علاوي في محاولة للخروج من فوهة الأزمة الخطرة التي يعيشها العراق في فترته السياسية الحالية. بينما القوى الثائرة في ساحات التظاهر في كل المدن العراقية أعلنت رفضها لهذه الشخصية لانتمائها للأحزاب المذهبية والتي رشحته، علاوة على ترحيب طهران بترشيحه.
ومع قوة وعمق السلطة العميقة العميلة لطهران ذات النفوذ القوي في تحريك بوصلة الحكم في سياسة العراق الداخلية والخارجية والمسيطرة على كل القوى الأمنية والعسكرية يتراءى لدى البعض صعوبة التخلص من النفوذ الإيراني المتعمق بجسم السلطة العراقية ولكن أرادة الله سبحانه ومن ثم صلابة الإرادة الوطنية لشباب العراق أقوى من هؤلاء العملاء لملالي إيران.